المتابعون

الأربعاء، 28 نوفمبر 2012

نفسي أبطَّل أقول لك: "وحشتيني"

قوي...
    قوي....
         قوي يا تيتة..
وحشني منديلك الأبيض بلون كفك ولون شعرك ولون قلبك قبلهم.
وحشني شعرك الجميل اللي كنت بسرحه وأضفره بإيدي.
وحشتني البوسة الجميلة على خدودي لما كنت أخلص الضفيرة وتقولي لي: ربنا ينضَف عرضك يا بنتي.
وحشتني ضوافرك اللي كنت بقصهم أول ما تخرجي من حمامك.
وحشتني كلمة: رانيا وأجمل كلمة رانيا في الدنيا بتغنيها بلسانك.
وحشتني إيدك اللي لما كنت أبوسها كنتِ تقولي لي بابتسامة: بوس الإيدين ضحك ع الدقون.
وحشني فستانك الكحلي المنقط والبالطو الأسود وجزمك اللي كنا بنلمعها لما تخرجي تروحي لحد أو للدكتور.
عارفة إنهم معايا؟ بس بيوحشوني قوي عليكِ.
البيت وحش قوي من غير صوتك وقعدتك الجميلة.
البيت مطبخه وحش قوي من غير إيديك الجميلة اللي كانت بتمسك السكينة الألومنيوم وأبقى خايفة قوي لا تقطعها أو تجرحها من رقتها.
نفسي أقول لك وحشتيني
نفسي أقول لك واحشني إزاي سريرك ..
نفسي أقول لك وأوصف لك البرد بييجي إزاي يا تيتة لما إيدك الحلوة ما تغطينيش وتحضني وتحط المخدة واللحاف جنب الحيطة كويس علشان ما يجينيش البرد.
نفسي أقول لك إزاي الأغاني اللي كنتِ بتغنيها مع الراديو أو التليفزيون وتهزري بيها معايا لما أتضايق من حاجة وتخرجي مني ابتسامة غصب عني، كل الأغاني بقت غريبة جدًا.
نفسي أوصف لك حاجات كتير.
انتِ سامعة يا تيتة؟
انتِ سامعاني بكلمك أهوه؟؟
انتِ سامعاني يا جميلة؟؟
انتِ سامعاني دلوقت يا ترى؟
طب مين هيلعب معايا الكوتشينة ولما أغلبه هيقول لي إني بخمه؟
طب مين هيلعب معايا دومينو ويسحب الورق ويبص فيه ويرجعه تاني علشان ما يشيلش ورق كتير؟
طب مين ليَّ غيرك يا تيتة؟

نفسي
نفسي .. نفسي
أبطَّل أقول لك: وحشتيني

الثلاثاء، 27 نوفمبر 2012

أعلنتُ العصيانَ عليك.. مختارات من شعر إيمان بكري

اشتريتُ الديوان من حوالي 12 سنة أو أكثر
وها هي تتجددُ الكلماتُ اليوم
-------------
أعلنتُ العصيانَ عليكْ
يا ملكًا من غيرِ شعوبٍ تتبعهُ
قد ملَكَ القلبَ فضيَّعَهُ
ما عُدْتَ الفارسَ والسلطانَ
تتيهُ .. تحنُّ .. تُجَنُّ
بصيحةِ لبيكْ
ما عاد القلبُ يئنُّ من الأشواق إليكْ
ولذا يا سيدَ أحزاني
أعلنتُ العصيان عليكْ
فالقلبُ تحرَّرَ من وهمٍ
ذوَّبَني ضوءًا بيديك
أسكنني قصرًا مسحورًا
ملَّكني عرشًا وقصورًا
هدهدني..
شتتني..
بعثرني.. لحنًا وعطورًا
نهرًا مشتعلًا مجنونًا
فظننتُ بأنَّ الكون
يُسَبِّحُ .. يركعُ.. يسبَحُ في عينيك
فوجدتك وهمًا
كسرابٍ لا شيءَ لديك
ولذا يا أجملَ أوهامي
أعلنتُ العصيان عليكْ
كم كنتُ أُحبُّك يا قدرًا
ساقتني الأقدارُ إليه
كم كنتُ أُحبُّكَ يا عمرًا
ألقيتُ العُمرَ بكفَّيْه
كم كنتُ أحبك يا طفلًا
أدمنتُ براءةَ عينيه
فدنوت.. أُخذت
سُحرتُ.. غفوتْ
وصحوتُ.. شقيتُ
تعبتُ.. حُرقتُ
صُلبتُ على زنديه
فلأني أحببتك جدًا
أعلنتُ العصيان عليكْ
كم كنتُ أسافرُ في خُلجان دماك
وأُبحرُ في وديانِ يديْك
وعشقتُ ملامح اسمي
وهي تميلُ.. تغني.. ترقصُ في شفتيك
أحببتُ الكونَ.. الأفقَ
الظلَ.. الشجر.. البحرَ
رأيتُ الشمسَ تنامُ وتصحو
تغفو.. تلهو
تركضُ في كفَّيْك
ألبَسْتُكَ تاجَ المُلك
وكنتُ أميرةَ حُبِّك
مملكتي داخل عينيك
لكني قررتُ رحيلي
كي أبقى أحلى الأحلامِ لديك
ولذا يا نبضَ حنيني
أعلنتُ العصيان عليكْ
سأُلملم شعري الثائر
عن كتفيك
سأُحرر نبضي من سطوة قلبٍ
يُلقيني بين ذراعيْك
وسأنزعُ همسي الحائرَ
من رئتيك
وسأدعو يا عمر الأعمارِ عليك
يُضنيكَ اللهُ بداءِ العشقِ.. الشوقْ
وتذوق مرار الغدرِ
تذوقُ لهيبَ الحرقْ
ملعونٌ هذا الحب
وهذا الخفقُ
نداءُ القلبِ عليك
ملعونٌ هذا القلبُ
وهذا النبضُ
حنينُ الهمسِ إليك
مجنونٌ مَن يخضعُ يومًا
لعيونٍ تُشبه عينيك

الخميس، 22 نوفمبر 2012

فادية .. وكفى

بنت زي كل البنات بأحلامها البسيطة وخبراتها اللي في الحياة اللي ممكن تكون خبرات فلاحة ومتعلمة ومتدينة ومديرة بيت كبير أبوها كان بيثق فيها في إدارته أكثر من ثقته حتى في زوجته شريكة حياته لأنه تزوجها صغيرة وأخذها دون أي خبرة لها بأي شيء في الحياة. أول مرة لفادية شفتها كانت بلبس البيت العادي بتاع الفلاحة الشقيانة الناصحة الشاطرة بتاعة البيت المصري الجميل. وشها أحمر ملتهب بحمرة الخجل ولون نار الفرن اللي ما بتبطلش تشعله وتخبز عجينها وطحينها عليه. وش مدور زي البدر ليلة التمام. تقترب كثيرًا من إخواتها الباقيين في الجمال الطبيعي الهادي غير الصارخ اللي فيه لون العيون السودة أحلى من أحلى أجنبية لون بياضها ولون عيونها بيخطف الجميع يحسدها عليه. لأن لون سمار فادية المشرب بحمرة خجلها وحمرة لهيب الفرن كان أحلى كتير من ألوان حتى جمال إخواتها.
فادية كانت وتد قوي في بيت أمها وأبوها. وف نفس الوقت كانت شاطرة في التعليم ودا مش غريب عليها لما تعرف إن أبوها كان هيصبح مهندس بترول لولا ظروفه جنت عليه زي ناس كتيرة قوي في حياتنا وأصبح هو الفلاح البسيط اللي كل ميراثه من الدنيا أرضه وبناته اللي ممكن ناس تعيبه عليهم لأنه كان بإمكانه يبقى مهندس البترول اللي اتعلم وخد شهاداته كلها ونزل بيها البندر وعاش عيشة الملوك.
يمكن أبوها لم يكمل مشواره واتجوز وخلفها وخلف بناته التانيين بس فادية فضلت هي أكبر ثروة له في البيت بشطارتها وبإنها عارفة كل صغيرة وكبيرة في البيت وقادرة تدبر الحياة كلها بحكمة ومش بس بيتهم.. لأ البيت الكبير كله بتاع العائلة.
فادية زي بنات كتير في سنها اتنظرت من الجميع. خصوصًا لما تعرف إنها أشطر بنات العائلة المليانة بنات على كل شكل ولون. ويمكن كان دا سبب كفاية تتحسد وتجيب مجموع سيء في الثانوية العامة. وبعد ما كان أبوها متوقع إنها تبقى حاجة كبيرة برضو برة البيت في مجال تعليمها، تطلع بخيبة أمل يعايرها بيها الجميع حتى لو كانت خيبة أملهم في ولادهم أكبر كتير من خيبة أمل بنت شايلة البيوت كلها على كتافها.
تشاء الظروف إن فادية تدخل كلية التربية الرياضية وتبقى مدرسة بعد ما قدمت هي وكل بنات جيلها في البلد في وزارة التربية والتعليم علشان تتعين. فادية قررت تسيب البلد وتنقل حياتها اللي الناس بتسخر منها وبتسخر من أهلها عليها. خصوصًا الخالات والأخوال اللي بيحتقروا كونهم فلاحين غير متمدنين بيربوا المواشي والغنم وبيحلبوا الأبقار وبيخبزوا في الفرن وبيصنعوا الجبنة والزبدة والمِش بإيديهم.
فادية اتنقلت نقلة تانية لما فكرت تنزل عند جدتها في المدينة وتستقر هناك كمدرسة تربية رياضية. خلعت طرحة راسها ولبست بدل محترمة أيوة ومنتهى الشياكة أيوة وغالية أيوة بس على الله تعجب المحيطين بيها ويتعرفوا صح عليها ويبطلوا ينعتوها بالجهل والحقارة اللي بينعتوا بيها كل الفلاحين.
فادية بقى كان عليها رصة محشي في الحلة تفتح نِفس الناس ع الأكل. كانت منبهرة بيها جدتها لدرجة كبيرة قوي. شوفوا فادية عملت كذا.. شوفوا فادية اللي مسوية كذا..
وغيرة أبناء الست الكبيرة عصرتهم عصر من فادية. اتنصبت الجلسات وفادية كانت في عملها وبدأ الجميع ياكل في لحمها ميتًا. وأصبحت فادية مسار سخريتهم كلهم. الغيرة والنار اللي ف قلوبهم جعلت الغني فيهم يبص لمرتب فادية اللي هو مش أكتر من 150 جنيه.
في كل جلسة اللي بيقسم لها الراتب ويضحك وهو بيقول عنها: بتاخد 150 جنيه وعاملة أبونيه الأتوبيس وبتركب ببلاش وبتصرف في الشهر 50 جنيه وبتحوش ال100 وتروح عندها في الفلاحين تشتري الصيغة الدهب والغنم والبقر من نصاحتها.. لأ وإيه بتفكر في معاشها هيكون كم لما تخرج عند سن الستين من دلوقت. أيوة وكمان على ما تخرج معاش تكون بقت مليونيرة ومعاها اللي مستفاه كله على قلبها وآهي بطولها لا معاها عيل ولا تيل تصرف عليه.
وهكذا كل ليلة تنعقد الجلسة اللي تأثرت بها الخالات وحبشتها ببعض الكلام السيء اللي في حقها عن لبسها وعن طريقة ردها عليهم وعن معاملتها الوحشة رغم إن ممكن المواقف اللي متشبعة بغل الخالات تكون هي السبب في تصرفات فادية معاهم.
حتى الجدة تبدل حبها لفادية بعد ما كانت بتضرب بيها المثل كأشطر بنت قابلتها في حياتها. أنا نفسي من جلسات النميمة ضد فادية كنت بسخر منها معاهم وبتشفى فيها لما تغلط قدامنا.
تمر الأيام وفادية ترجع من بلدها بقيء مستمر وتقلبات في المعدة وتروح تكشف في المستشفى تلاقي إنها مرضت بالسرطان. السرطان يا فادية؟!
تعمل عمليات وتاخد جلسات والجلسات إياها ما بتبطلش حديث عن فادية. السخرية لا تتوقف والرحمة للمريضة لا تدب في قلوبهم وتسوء حالتها ولمدة ست سنين كاملة بتتعالج فيها بكل أنواع العلاج وتصبح فادية مومياء متحركة والشعر اللي كانت البنات في المدرسة بتسألها عنه إن كان باروكة يا ميس ولا شعر حقيقي لأنه كان مقترب من رجلها تساقط وأصبحت فادية جثة هامدة متحركة في بيت الجدة وأمام الخالات التي لم تهدأ أصواتهن عن الحديث عنها بنفس الكلام السيء وأكتر.
كل بنات البلد في سن فادية اتجوزوا وخلفوا وحتى إخواتها البنات اتجوزوا وخلفوا وفادية نفسها زي ما بتشوف ولادهم رايحين الحضانة والمدرسة تشوف ولو طفل صغير يقول لها يا ماما زي أحلام البنات البسيطة خالص اللي ما بتطمعش فيها بأكتر من زوج وفي وطفل جميل يملوا عليها حياتها الصغيرة.
فادية عاشت ست سنين تصارع المرض وتصارع كلام الناس اللي من وراها بيزيد أحقادهم ضدها وتصارع سنها اللي بيكبر وفاتها القطر وتصارع نظرات أمها والمقربين لها إنها عنست وممكن تكون بتحقد على إخواتها البنات على زيجاتهم وخلفهم. حتى لو كانت فادية أحن ما يكون على إخواتها وساعدتهم في جهازهم وبيحبوها ولادهم اللي بتجيب لهم حاجات تسعدهم بمبالغ بسيطة أو كبيرة مش فارقة لأنها بتحس فيهم بولادها بإحساس إن الخالة والدة.
فادية ماتت. وقبل وفاتها كانت جدتها مرضت بنفس مرضها وبتتعالج منه. الجدة ما اتحملتش المرض وماتت لما وصل لحد الرئتين. وفادية اللي كانت وصلت بيها الحالة من كتر تعاطي جرعات العلاج والتفكير في اضطرابات نفسية أدت بيها إنها كانت عند جدتها وصحيت من نومها تقرأ قرآن وفجأة فضلت تردد: لا إله إلا الله محمد رسول الله لا إله إلا الله محمد رسول الله.. لغاية لما صحيت من نومي مفزوعة لما صوتها بقى عال قوي ولقيتها هترمي روحها من الشباك ومنعتها بقوة أنا ووالدتها اللي كانت جاية معاها وهي بتاخد العلاج. حتى الجدة لما صحيت وكان غريب عليها الوضع افتكرتها في حالة طبيعية وقعدت تصرخ فيها تتوقف عن اللي بتعمله لكن فادية اللي بقت حالتها النفسية سيئة جدًا ردت على الجدة وعلى الأم بقوة شديدة وعنف يتحاسب عليه الشخص العاقل بشكل سيء لكن لو حد حط في باله كل تاريخ فادية المرضي ما كانش هيقول عنها كدة.
فادية أصبحت خطر على الجدة وقرر الخال يطردها من البيت هي وأمها بالليل أو بالنهار المهم ما تقعدش بحالتها المضطربة دي في البيت وممكن ترتكب جريمة وترمي نفسها من الشباك أو تقتل حد أثناء نوم الجميع.
مرضت الجدة بنفس المرض وكنت أول من اكتشفه عندها وبعد علاجها منه عاشت فترة بسيطة تعاني لأن المرض كان تمكن منها ووصل لرئتيها وماتت.
فادية ما عرفتش بوفاة جدتها غير بعدها بفترة لما تعافت من مرضها واضطراباتها النفسية بعد رحلة علاج دامت 6 سنين وعليهم كم سنة تانيين.
ماتت فادية بعد الجدة بفترة بسيطة بعد ما كانت شعرت بمأساة الجدة اللي ماتت قبلها.
انكسر وتد البيت القوي لما دخلت بيت الخالة بعد وفاة فادية..
ولأني شعرت إني كنت شريكة في جريمة حقيرة لقتل كل جميل عن فادية قررت بعد وفاتها إني أتصدق على روحها ببعض المال اللي اشترت به إحدى الصديقات مياه معدنية وزعتها على الناس العطشانة في الطرقات أثناء موجات الحر الشديدة زي ما أوحى ليّ ربنا إني أوصي الصديقة.
هي دي فادية النقية اللي ظلمها كلام الخالة والخال والعمة والعم والناس وكانوا أحد أكبر أسباب مرضها وضعفها وهي بتقاوم شدتها لوحدها.
مطلوب أكون زي فادية وأحل محلها في لفت أنظار المحيطين على المستوى الأسري علشان تتكرر مأساتها ويا رب يشعروا بالندم بشكل أقوى من ندمي لانسياقي ورا كلامهم والأكل من لحمها ميتًا.
في كل مرة أفتكر فادية أتمنى إن نفس الكاس اللي تجرعت منه أمها تتجرع منه أقرب الناس ليّ وهي بتمارس عليَّ الشيء اللي الجميع مارسه على فادية.
فادية ماتت في سن 32 سنة.
فادية في الجنة إن شاء الله هيكون عمرها 33 سنة.
فادية ستتزوج بأجمل أزواج الجنة بإذن الله، وستكون لها بنات وبنين أجمل من أطفال سوريا المتوفين وأجمل من أطفال كل البنات اللي شافتهم عينيها وهي حية وشافتهم عينينا إحنا كمان. أنا وعدتها بكدة وربنا وعدها هي وبنات كتير بكدة كمان ممكن أكون أنا بين البنات اللي وعدها ربنا معاها لأني كنت بقول لها الكلام دا بيقين كبير في اللي قاله لنا ربنا.
فاضل سنة واحدة وأكمل 32 سنة زيها وانا بتمنى ربنا يغفر لي أي إساءة في حق فادية حتى لو أدفع تمن إساءة غيري منهم كلهم اللي قاطعتهم بسبب نفس طريقتهم معاها. الله يسامحهم قبل ما يفوت الأوان ويضمهم نفس التراب اللي ضم فادية وتيتة كمان. ويفوقوا إن الناس كلها زي بعض وما فيش حد أحسن من حد علشان مال أو جاه أو مكانة اجتماعية.
ربنا يرحم فادية ويرحمنا من هذا العالم البغيض.

السبت، 17 نوفمبر 2012

مدرسة الحوياتي الثانوية بنات (زغروتة أحلى بنوتة)

فصل تانية تاني أدبي كانت تشاركني فيه أختي قبل ما تكون صديقة عمري: سارة.
الفصل كان في آخر دور في المدرسة. ولأن سارة لها ظروف صحية معينة من إغماءات متكررة، كان لازم نغير حاجة معينة تتهيأ بها ظروف الفصل لاستقبال سارة كل صباح دون عناءٍ شديد. ورغم إن نقل الفصل من الدور التالت إلى الدور التاني كان غربة بالنسبة لنا علشان خلاص كنا تعودنا على فصلنا في الدور التالت واشترينا جلاد غطينا به الحوائط بتاعة الفصل وبدأنا بالفعل في شراء الزينة الجميلة اللي هتؤهلنا ناخد كاس أحلى فصل في المدرسة، وافقنا علشان سارة نتنازل عن فصلنا اللي حبيناه خالص وحبينا تفاصيله واتعودنا عليه، وكله يهون علشان سارة.
الفصل الجديد
كان صعب علينا نتقبل الفصل الجديد رغم إنه كان في قلب القصر اللي اتعملت فيه المدرسة. قصر الحوياتي باشا اللي بيقولوا عنه كان جميل. الحوائط والأسقف عالية جدًا. الشباك منه كان بمثابة بلكونة في بيوتنا كلنا لأن أكيد أكيد السقف في بيوتنا كلنا لم يبلغ هذا الطول اللي عليه القصر.
البلكونات كانت أهم حاجة تميز الفصل. ونخلي بالنا من البلكونات لأن دي نكبة ومصيبة وخصوصًا إننا مدرسة بنات والمدرسة المقابلة لنا مدرسة مختلطة "ليسيه الحرية" وفيها أولاد وبنات وقد تجلس الفتاة بجانب الفتى في نفس المقعد وهو ما قد نستغربه جميعًا لأننا حتى اللي جايين مننا من مدارس مختلطة كنا ممكن نستهجن وجود البنت في صف البنين مش بس على نفس المقعد مع الولد الغريب عنها.
لكن بقى يا ويلها يا سواد ليلها اللي تحس ناظرة الصف بتاعها إن بلكونتها مفتوحة وبيشاور لها ولد من المدرسة اللي قصادنا أو حتى تحس أبلة الناظرة إن البنت هي اللي بتشاور من بلكونة أو شباك الفصل. ومعنى ذلك إن البلكونات هتكون مغلقة ومحكمة الإغلاق كمان. وخدوا بالكم إننا نتجاور مع حجرة ناظرة الصف اللي ممكن تطب علينا في أي وقت حتى لو كان الفرق بين حجرتها وفصلنا حجرة الموسيقا.
مش ممكن أنسى يوم لما نشوة وقفت قصاد البلكونة وشاور ولد من مدرسة الليسيه على ظهره يقصد بيه البنت أم شعر طويل، وأخدت بالها أبلة الناظرة ودخلت بسرعة الفصل تزعق فينا جامد وتقول إنها مش عاوزة تنادي لأستاذ/ فلان ييجي يسمَّر البلكونة علشان ما تسدش علينا متنفس بس اللي هيتكرر منها موقف زي دا هيبقى نهارها مش معدي.
الجميل بقى في الفصل إنه كان رغم تجاور حجرتي الموسيقا وبعدها حجرة الناظرة على مقربة في نفس الدور إننا كنا لما نغلق باب الفصل نحس بإننا معزولين حتى عن سماع صوت جرس الحصص في المدرسة.
الفسحة
أجمل فسحة في المدرسة كنا بنقضيها في الفصل الجديد.
الفصل الجديد برضو منعزل عن المدرسة بشكل جميل يسمح لنا بالعزلة إحنا كمان.
ياسمين عباس بنوتة ضمن البنوتات اللي شعرهن ناعم مسترسل وأجمل حاجة فيه لونه البني اللامع الطبيعي.
في يوم جميل قررنا الفسحة تكون مختلفة وأغلقنا بالطبع البلكونات علشان ما حدش يحس إننا في الفصل من أصله.
البنات أخذن كرسي المدرس وبدأن الحفل الجميل.
أنا وبنوتة تانية بنعمل لياسمين في شعرها "سنبلة"
وهي ماسكة شعرها من ناحية وأنا ماسكة من ناحية.
ودورت البنوتة التالتة والرابعة الكرسي بتاع المدرس طبلة.
وانا سبت اللي بيعملوا الشعر ودخلت مع البنوتات الباقية.
وياللا يا بنات:
طالعة من بيت ابوها داخلة بيت الجيران... وأغاني من كدة وكلها من التاث الشعبي اللي البنات حافظاه وأنا بحاول أحفظ منه بس مش عارفة لأن حتى الحارة اللي ساكنين فيها لما كان بيبقى فيه أحداث من دي ما كناش بنقدر نتابع الأغاني بتاعة الستات لأننا منعزلين في بيتنا عن أحداث المكان بخصوصيتنا غير إن تيتة والخالات وماما كانوا بيمنعونا نتفرج ساعات من الشباك أو البلكونة ساعة الاحتفالات دي لأننا لسه بنات صغيرة وممكن كلمة تدخل ودننا ونكررها واحنا مش فاهمين لها أي معنى.
الأغاني فضلت واخدانا في الفصل وفضلنا عليها اللي بتطبل واللي بترقص واللي بتسرح العروسة وقال إيه إننا بنزف ياسمين الأمورة وبنوضب لها شعرها وكأننا في حنة أو في فرح عروسة شعبي بالظبط.
وانا بقى واخداني الجلالة وواقفة في ضهري الباب وبكمل التخت الشعبي اللي اتفتح في الفصل بالرقص والغنا وقمت فتحت في الزغروطة..
البنات فجأة لقيتها سابت الكرسي وسكتت وانا مش واخدة ف بالي وبزغرط برضو لقيت اللي بيقول من ورايا: بنت بنت..
وساعتها فوجئت إنه أستاذ/ أحمد جمال مدرس اللغة العربية البشوش الوجه بيكشر في وشي وبيحاول من ورا التكشيرة يخفي الابتسامة وهو بيقول لي: بتعملي إيه؟؟
أنا طبعًا بقيت في وسط هدومي وخصوصًا إن نص الزغروطة على طرف لساني والنص التاني خرج خلاص..
- بنت ... بنت ... بتنعملي إيه بقولك؟
- ولا حاجة يا أستاذ معلش أنا آسفة.
وفجأة لقيته بيرد: اعملي كدة تاني.
أنا بلمت واتسمرت ف مكاني وبحلقت واستغربت ودا كله ف وقت واحد..!!
- بقول اعملي كدة تاني.
رحت مكملة بقية الزغروطة وطلعت أجري من قدامه ودخلت استخبيت في سارة والبنات كلها بتضحك من الموقف.
وقال لنا: اعملوا اللي عاوزين تعملوه بس يا ريت مش بصوت عال علشان ما حدش يسمعكم برة ونروح في داهية..
ومن ساعتها بحب المدرسة أكتر لأن كبيري في مدرسة إعدادي كنت هراقب الجو للبنات لما الولاد ينزلوا ونقعد نغني أغاني الإعلانات بتاعة هاف تايم وغيرها ونطبل على المقاعد ولما أسمع صوت عصاية أستاذ/ عبد الغني ناصف ناظر الإعدادي وهو بيخبط بيها في الحيطة هجري كالعادة على الفصل وأقول للبنات: أبو الوفا أبو الوفا...
:،)

الجمعة، 16 نوفمبر 2012

مدرسة الحوياتي الثانوية بنات 4

المكتبة
====
أيام لا تنسى قضيتها في مكتبة مدرسة الحوياتي الثانوية للبنات
ميس محاسن وميس أميمة
وللحق ميس أميمة كانت أكثر تشجيعًا لي وأكثر احتفاءً بي لأنها كانت المسئولة عن المكتبة وكانت مسئوليتها أكبر من مسئولية ميس محاسن.
ميس أميمة كانت بتشجعني كتير وتثني على أدائي وكانت تفضلني عن كل الفتيات الزائرات للمكتبة. حقيقي كانت أم لي بمعنى الكلمة لدرجة لا يمكن كلماتي توصفها أو تقدر توصفها. لما أم تبقى قاعدة على سجادة الصلاة في الثانوية العامة لابنها وتدعي لطالبة عندها في المدرسة لدرجة إن ابنها يستغرب ويندهش ويقول لها: مين رانيا دي اللي بتدعي لها وما بتدعيش لابنك؟
لما ميس أميمة تدافع عني عند ميس فادية وتلطف الجو معاها علشان ميس ناهد اللي كانت بتشتكيني عندها وعاوزة تعاقبني لأني بقلدها وأقعد على كرسيها وأقلد حركتها ولدغتها في الكلام وتضحك قدامها وتقول لها إني بهزر وبحب ميس ناهد وعلشان كدة بقلدها للبنات.
ميس أميمة حبيبتي اللي كانت بتدعي لي وما تدعيش لمصطفى ابنها على سجادة صلاتها كل يوم علشان ربنا ينجحني وأجيب مجموع في الثانوية العامة وأدخل الكلية اللي نفسي فيها زي ما كنت بطلب منها.
ميس أميمة يعني كمية كبيرة قوي غير معهودة من الحب والدفا والجمال والصفاء الروحاني والابتسامة اللطيفة الهادية الرايقة اللي وراها قلب أبيض من كفنا زي ما تيتة كانت بتقول.
موجهة المكتبة كانت أبلة/ ... مش قادرة أفتكر اسمها لكنها كانت تعشق اللون الأحمر وكانت كلما حضرت إلى المكتبة تجدني أرسم شيئًا فتشير علي باختيار اللون الأحمر لإضافته. ومهما كانت الرسومات لا تستدعي وجود اللون الأحمر كانت تصر وبشدة على استخدامه. وكان هذا أكثر ما يضحكني ويضحك ميس أميمة كذلك.
في كل مرة كنت أذكر اسم أبلة الموجهة كانت تأتينا في المكتبة، حتى اليوم الذي أكدت فيه أبلة الموجهة إنها لن تأتي قبله بيوم واحد وقالت إن لديها ظروف عمل لن تسمح لها أن تأتي إلى المدرسة للإشراف. في نفس اللحظة كنتُ أنا وميس أميمة وميس زينب الحكيمة في المكتبة وكانت ميس أميمة تلح عليَّ أن أقلد أمام ميس زينب أبلة الموجهة وميس ناهد مدرسة الفلسفة. وبدأتُ بتقليد ميس ناهد وضحكت كثيرًا ميس زينب وميس أميمة حتى انتهيتُ وطلبت مني تقليد أبلة الموجهة فقلتُ لها إني لا أريد أن أقلدها حتى لا تأتي إلى المكتبة في اللحظة التي أقلدها فيها. فأكدت ميس أميمة إنها لن تأتي اليوم. فقلت لها: واللهِ هتيجي وهتقولي إني قلت لك يا ميس.
ولم أكمل كلمتي حتى وجدنا ثلاثتنا أبلة الموجهة تقتحم الباب بالجنب وبحقيبتها الكبيرة المعهودة التي تضرب بها الباب كي ينفتح.
وما إن حدث هذا حتى وجدت ميس زينب الحكيمة تقول لي: واللهِ تدعي لي أروح الحج يا شيخة.. دا انتِ بركة.
وعن نفسي دعيت لميس زينب اللي كانت منتظرة القرعة بتاعة الحج وطلعت بالفعل في السنة دي..
بس من غير ما أؤكد كلامها إني مبروكة أو كلام من دا.. هي أصلًا أبلة الموجهة دي كنت كل ما أجيب سيرتها كانت بتقتحم المكتبة بالفعل..
كانت أحلى أيام واللهِ

الأحد، 11 نوفمبر 2012

11-11

يوم وفاته
آخر يوم كنا على موعد معه كعادته. الأحد يوم العطلة الرسمية. كان قد وعدنا أن يأخذنا للفسحة في الأحد القادم في سيارته الجديدة.
ذهبَ مسرعًا وأثناء عودتي برفقة أخي من المدرسة قررتُ أن أمضي من طريق بينما أصر أن يمضي هو من طريق أخرى. سألته لماذا فأجابني بأنه يريدُ أن يكون أول مَن يصل إلى جدو ليرى السيارة الجديدة فيغيظني كعادته.
انطلقتُ من طريقي حزينة قليلًا لأنني أحب جدي بنفس القدر الذي يحبه به بل ربما أكثر، لكن جدي يفضله ويحبه أكثر مني.
ويشاء الله أن يمر جدي بسيارته المسرعة الجديدة بجواري وكأن الله قدَّرَ أن أكونَ آخر من يودعه.
جدو.. صرخت فرحةً عندما رأيته في سيارته الجديدة وكدت أطير بها إلا أنني حزنتُ لأن أخي قد مر من طريقٍ أخرى.
جدو.. أجابني بابتسامته المعهودة: فين حسن؟
فقلتُ له إنه انطلق من الطريق الأخرى كي يلحق به مسرعًا.
تأسَّفَ ولاحقته بالسؤال: جدو.. مش قلت لنا هتاخدنا معاك تفسحنا بالعربية الجديدة؟
مش النهاردة المرة الجاية.
وغادر
لم أكن أعرفُ أنه سيغادرُ الحياة.
فقط استيقظتُ ليلًا على أصواتٍ غريبة بعد أن عدت من مدرستي فوجدتُ جدتي قد أصابتها الحمى الشديدة وكانت تسيرُ وبيدها قالب من الثلج لكي يخفض من حرارتها ومع هذا كانت ترتعشُ وتكادُ تكون من المغشيين عليهم.
الجميع الجميع حولها..
كل الخالات وأمي بينهن تطببها.
هي في حالةٍ غريبة ومريضة للغاية.
نزلت مع أخي كي ننام قبل أن نستيقظ للمدرسة في الصباح الباكر.
استيقظت على عينيّ أمي المنتفختين. لأول مرة أراهما كذلك.
لم أعرف كيف أنطق وأسألها.. قلت لها: مالك يا ماما؟   فلم تجبني..!
ظننتُ أن هناك مكروهًا قد ألمَّ بالجدَّة، لكنني كنتُ لا أعرف وقتها كيف أعبِّر عن مشاعري بالصورة الواجبة.. فكان الصمت أبلغ لغة..
عدتُ إلى غرفة نومنا فوجدتُ خالي وخالي وعمو حسن وبابا في البلكونة مع أخي ونظرتُ من خلف الشيش فوجدتُ أخي يبكي بحُرقة وأنا متبلمة لا أعرف ماذا حدث..! هم ملتفون من حوله ويكلمونه.. أنا أحاول بعد أن انصرفوا أن أستنطقه..
هو لم ينبس ببنت شفة..!
أنا أرتدي ملابسي بعد أن أمرتني أمي كي لا أتأخر عن المدرسة.
أخي ارتدى الزي المدرسي بسرعة.
أبي لأول مرة يقرر أن يصطحبنا إلى المدرسة.
أصر هذه المرة على السؤال لأعرف ماذا حدث..
أجده يسألني: مش جدو أحمد مات؟
-أيوة!
-مش تيتة فوزية ماتت؟
- أيوة!!
-جدو حسن مات..
ما تعيطيش علشان ما يتعذبش

ما قدرتش أعيط زي حسن
مش عارفة ليه كنت صغيرة وكنت حزينة جدًا لكن حزني في اليوم دا ما خرجش لأني بحب جدو جدًا ومش مدركة معنى الموت بس خايفة عليه يتعذب زي ما قال بابا..
فضلت كاتمة ومش عارفة أعيط لحد ما رحت المدرسة. وبرضو قعدت في الفصل أثناء الفسحة ومش عارفة أعيط خالص.

جدو لا تمت إلا في ساعةٍ مؤقتة لأنك باقٍ في قلبي.
جدو من أجلي لا تمت أرجوك فأنا ما عرفتُ سوى كتفيك الحانيتين ظلًا لي.
جدو لا تمت..
جدو... وحشتني زغزغتك لرجلي من تحت الغطا علشان أصحا من نومي وأديك بوسة في خدك الجميل وشنباتك اللي بتشوكني.

الاثنين، 5 نوفمبر 2012

مدرسة الحوياتي 3

ميس هناء اللي ما كنتش بكره منها غير اللغة العربية غير السليمة اللي بتدرسها لنا ومعاملتها لريموندا اللي بتفضلها بيها علينا وبتحط فيها من شأننا، كان لها موقف تاني معي أشد عليَّ من أي موقف تاني سخيف. في يوم كنا بنمتحن جبر وحساب مثلثات والامتحان اللي كان أستاذ البرنس كان جايبه صعب قوي كان أثر في سارة صاحبتي ورفيقتي من رابعة ابتدائي لدرجة إنها لما ابتدت حصة العربي مع ميس هناء فضلت تهمس لي إنها هتسقط في المادة دي وأنا أطمنها وهدى علي أحمد اللي كانت دايمًا بتبص وراها علينا وبتتعامل معانا بحدة أكتر من اللازم عملتها كعادتها وبصت علينا مرة والتانية وميس هناء لاحظتها وهي بتتدور تبص علينا مرتين.
نادتها وسألتها هي ليه بتبص وراها فقالت لها إنها سمعت ضحك وأصوات فلفتت انتباهها وبصت علينا. ساعتها التار القديم بيني وبين ميس هناء صحي جواها. قالت لي: رانيا. قلت لها: نعم يا ميس. قالت لي: كنتِ بتتكلمي ليه وتضحكي وتكركري على إيه؟ قلت لها: يا ميس هنضحك على إيه إحنا كان عندنا امتحان وسارة قلقانة وبتقول لي هسقط فطمنتها فين الضحك بقى؟
ميس هناء أخدت كلامي كأنه ذريعة هتوصلها إنها تذنبني وقالت لي أقوم وأحط وشي في الحيطة في آخر الفصل.
قلت لها: يا ميس هو انا عملت حاجة؟
قالت لي: بتتكلمي من غير إذن وأنا لسه داخلة الفصل.
نفذت كلامها واتذنبت زي ما قالت.
لقيتها وقفت هدى في الفصل وقالت لي: تعالي معايا.
-يا ميس هو انا عملت حاجة؟
بقول تعالي معايا.
وخرجت ساحباني على حجرة الوكيلة وأنا مستغربة من الموقف كله وبضحك على رد فعلها اللي مش فاهمة هو كان ليه أصلًا!
ووقفت أتذنب خارج الفصل على بُعد خطوات وهي من جوه الفصل بتعلي صوتها على الآخر كأنها عملت حاجة قوية فيَّ ونازلة تهديدات في باقي الفصل لو واحدة تجرأت وعدلت عليها واتلامضت معاها في أي حاجة تشرحها وإن دي آخرة ومصير أي بنت تتبجح عليها بالقول (زيي).
ومرت ميس زينب أحمد إسماعيل المديرة. وسألتني أنا ليه واقفة فقلت لها الموقف كله وسألتني أنا ليه متذنبة برة والبنت التانية جوة الفصل لو كنت أنا ما عملتش حاجة زيادة عن اللي بقوله في الموقف! وحسيت من كلامها إنها بتشكك في كلامي فقلت لها: معرفش
قالت لي: انتِ كمان بتردي عليَّ يا بنت؟ انتِ بنت قليلة الأدب.
ساعتها ما حستش بنفسي غير وانا بعيط بصوت عال جدًا، وأظن ما حدش في موقفي بالطريقة دي هيعمل غير كدة.
واحدة المدرسة بتاعتها بتنتقم منها والمديرة بتاعتها بعد ما كانت بتحترمها بتقول لها: انتِ قليلة الأدب. ومن غير حتى ما تحقق في اللي حصل وتعرف مين الغلطان.
ولأول مرة في تاريخي في المدرسة آخد حاجة اسمها استدعاء ولي الأمر.
وكانت كارثة ما نيمتنيش طول الليل وأنا بطلب من ماما تيجي المدرسة وهي مصرة إن ما عندهاش إجازات في الشغل وعندها بس أذنات وهتحاول تاخد إذن. وأنا أعيط وأقول لها إني مش هينفع أدخل المدرسة من غيرها وهي مش مهتمة وفي النهاية وافقت تيجي معايا علشان أدخل المدرسة.
أول وآخر مرة ماما تعتب باب مدرسة الثانوي..
كل الحفلات والمهرجانات والمناسبات اللي أتكرم فيها لازم أنسى إن ممكن ماما تتعطف وتحضرها علشان آخر السنة لما أجيب مجموع في ثانوية عامة والجيران كلهم بيرقصوا لي وبيزغرطوا وهي الوحيدة اللي مطلعة الغسيل من الغسالة الأوتوماتيك وبتنشر. والناس نازلة تبارك لها وتطلب منها تطلع عند تيتة وتشاركهم الفرحة وهي بترد عليهم وتقول: هي يعني كانت جابت الديب من ديله؟

المهم الموقف انتهى بإن ماما عتبت المدرسة أخيرًا.
راحت حجرة ميس زينب مديرة المدرسة وكلمتها وميس زينب اتعرفت عليها وماما قعدت تضحك معاها وقالت للمدرسة إني قال إيه بحبها وبتكلم عنها كتير قصادها في البيت.. (طبعًا مش حقيقي)
راحت ميس زينب قالت لي: ليه ما تبقيش زي ماما كدة منسقة في كلامك ولبسك وطريقتك وتكوني محبوبة من مدرستك؟
وقعدت تتفرج على لبس ماما والعقد اللي كانت لابساه ساعتها والبلوزة الشيك بتاعتها وتتغزل فيهم.
وانا مستغربة كلامها وكلام ماما ورد فعل ميس هناء.
بالطبع ميس هناء اتغيرت حبة معايا في الفصل. لكن هذا لا يمنع إن ميس هناء فضلت معاملتها ليَّ زي السابق إنها بتفضَّل عليَّ ريموندا في الإجابات وبتطلعني حمارة حتى لو ريموندا كررت نفس الإجابة..

السبت، 3 نوفمبر 2012

مدرسة الحوياتي الثانوية بنات 2

فصل أولى تالت كان جميل قوي وكانت له مميزات خاصة وطبيعة تختلف عن طبيعة أي فصل تاني
أولًا الفصل كان في الدور الأول وجنب المكتبة وحجرة المديرة اللي كانت وقتها أفضل مديرة مسكت مدرسة الحوياتي وكان اسمها/ زينب أحمد إسماعيل.
ثانيًا الفصل كان له بابين وبلكونات البلكونات بالطبع كانت مفتوحة على الممر الواسع اللي هو كان بيشرف على فناء المدرسة ودا بالطبع لأن تصميم المدرسة كان في الأصل قصر لباشا كبير واسمه كان الحوياتي ولما سألنا عن معنى الكلمة قالوا لنا إن الحواية اللي فوق الرأس بيصنعها الرجل لكي يضع شيئًا ثقيلًا ولقب عائلة الرجل كان هكذا.   طيب
ثالثًا بقى إن الفصل كان باب من أبوابه موضوع عليه السبورة وكان الباب غائر في الحائط بمعنى إن السبورة مثبتة على الجانبين والباب من خلفها بما يسمح بإن اتنين تلاتة بنات يتداروا ورا السبورة.. وللعلم - علشان أصحاب النيات المستهبلة - دا شيء جميل يخلينا لما تيجي حصة الألعاب ونتكسف نغير ملابسنا قدام بعضنا في الفصل نتدارى وراه ودا الأهم. وكمان ما فيش مانع نكون بنجري ورا بعض وواحدة مننا تختبئ وراه وتخلي صاحبتها تحتار هي راحت فين بالظبط.

أول يوم ليَّ في الدراسة كنت راجعة من المصيف وعارفة إن اللبس بتاع المدرسة عبارة عن قميص بمبي وجيبة كحلي وبس.. يعني لا تقول لي شراب ولا جزمة ودا اللي كنت فاهماه غلط تمامًا. من سوء حظي إن بنت الجيران اللي معايا في نفس المرحلة العمرية وتبقى بنت أخت زوجة خالي عارفة كل شيء عن ملابس المدرسة ودا اللي خلاها طول الطريق وأنا رايحة المدرسة بعد ما نزلت معاها بتبص على حذائي الكوتشي الجديد وتضحك بينها وبين نفسها بخبث وأسألها عن سبب ضحها وتخبي وتقول لي ولا حاجة.
في طابور الصباح ألاقي المدرسة تختارني أنا من وسط الطابور وتذنبني وأنا مش فاهمة إيه اللي بيحصل بالظبط أنا ما عملتش حاجة يا جدعان.
كل دا علشان اللئيمة بتضحك على الكوتشي الأبيض والمدرسة بتشترط وتدقق على لون الحذاء الأسود. آه يا بنت اللئيمة!
ومدرسة التربية الرياضية توريني من أول يوم معنى كلمة العين الحمرا بجد.
أطلع الفصل بعد ما اتذنبت من أول يوم دراسة وأقابل ميس/ هناء
ميس هناء حاجة كدة تشبه ستات مصر الطيبات قوي على نياتهن، بس عيبها بقى إن الطيبة دي كانت بتخليها تمشي مع القوي وتدوس على الضعيف. المهم الفصل ولأول مرة في حياتي فيه تلات بنات قبطيات: ريموندا طلعت فايز ونهى سمير وسماح صدقي جريس، وماله أنا أصلًا ما باخدش في بالي دين حد ولا الحصة بتاعة الدين هو بيخرج أو هي بتخرج لأن دا شيء غريب عليَّ من ناحية إن تيتة طول عمرها تحكي لي عن جانيت صديقتها اللي في شبرا وأبوها اللي كان بياخدها معاه في الكنايس ومدام جابور اللي تيتة كانت بتروح تتعلم عندها وأمها تقول لها العبي وكل حاجة بس ما تاكليش معاهم علشان بيحطوا خمور في أكلهم وبالطبع بياكلوا ما حرم الله علينا.
غير بقى حكايات ومغامرات تيتة في شبرا وكل الذكريات مع الأقباط اللي كانت جزء من حياتها، ولما كبرت حسيت بالفعل من زوجة أخو تيتة اللي جيرانها كلهم أقباط وبيحبوها قوي وأولادها عمرهم ما فرقوا في المعاملة.
مش دا المهم
الأهم إن ميس/ هناء كانت بتعامل ريموندا - بعد ما سألتها عن اسمها وعرفت إنها غير مسلمة - معاملة مبالغ فيها كانت تأتي فيها ظلمًا على معاملتي. ميس/ هناء كانت عندها مشكلة كبيرة قوي في الإعراب وأنا كان عندي مشكلة كبيرة قوي في تقبل إن مدرس لغة عربية يخطئ في الكتابة على السبورة ورسم الهمزات والإعراب ودي أشنع قضية ممكن تخلي مدرس اللغة العربية يسقط سقوط الذئاب في البئر العميقة في نظري.
أطلع أنا بقى أقول لميس/ هناء: لأ يا ميس دي تبقى إعرابها مبتدأ ثان مرفوع وعلامة رفعه الضمة واللي وراها خبر والجملة من المبتدأ الثاني وخبرها في محل رفع خبر المبتدأ الأول.
- غلط يا رانيا إيه التخريف دا والهبل دا؟
- يا ميس والله إحنا أخدناها كدة في سنة خامسة ابتدائي لما اتعلمنا أنواع الخبر ومنه خبر جملة اسمية.
- اقعدي ولا انتِ فاهمة حاجة.
ريموندا رفعت إيدها وأنا هموت من الغيظ وهطق إزاي تقول لي غلط وأنا متأكدة زي ما أنا متأكدة إنها واقفة قصادي!
الست دي غريبة جدًا وانا مش عارفة أقول لها إيه!!
أقول لها إن أستاذ أحمد عبد النبي مدرس أول اللغة العربية وأستاذ عاطف حسين وأستاذ محمد عطوة كانوا بيختاروني في مسابقات النحو واللغة العربية والدين علشان كنت بحبهم وكنت بجاوب معاهم كويس؟؟ ولا أقول لها إن مدرسي مدرسة إيجيبت الخاصة كان مستواهم أفضل كتير من مدرسة ما بتعرفش تكتب الهمزات على الكلمات والكلمة بالألف ولا بالفتحة وبالكسرة ولا بالياء؟!
وف نفس الوقت عيب أقول لها الكلام دا لأنها ست كبيرة ومدرسة بس أنا مالي هي مدرسة لغة عربية ومع ذلك مش فاهمة لغة عربية لنفسها علشان تدرسها لغيرها!
كل دا كوم
ولما رفعت إيدها ريموندا تقول لها: يا ميس هي الكلمة دي تعرب أساسًا خبر ثان لأن ما قبلها بالفعل زي ما قالت رانيا مبتدأ ثان والجملة كلها الخبر.
- برافو عليكِ يا ريموندا. (ميس هناء)
يخرب بيت كدة يا إيه انتِ
هو ريموندا تقولي لها برافو وهي بتكرر نفس كلامي وأنا عمالة تشتمي فيَّ وتطلعيني قدام الفصل كله غبية وبخترع في اللغة!!
بجد حاجة تغيظ
عرفت بعدها ازمة ميس هناء في إنها دخلت كلية غير مرغوبة وقسم غير مرغوب وبتشتغل مهنة تاخد منها مرتب وخلاص.
علشان كدة تدريسها كان نابع من إنها فقط بتمشي ورا الدفاتر والروتين وخايفة يتقال عنها إنها بتضطهد المسيحيين في الفصل.
بس أنا مالي يعني!!
حرام ولا مش حرام لما تكوني انتِ غلطانة في اللي بتدرسيه للناس في اللغة العربية وكمان بتخلي البنات في الفصل تعيب عليَّ وأسقط من نظرهم على حساب إنك تمدحي في واحدة تانية مش هي اللي مجاوبة صح؟!
حاجة بجد قرف (بالمناسبة دا عن الموقف مش المدرسة)
أكتر شيء كان بيقرفني فيها إنها كانت بتحبطني لما اجاوب وترفع من شأن ريموندا.
يتبع