المتابعون

الثلاثاء، 12 أبريل 2011

رجلٌ اسمه: جدو حسن


لم أكره منه سوى سيجارته..حتى محاولاته إخافتي بخروف العيد في أول أيام شرائه لم تكن تجعلني إلا أن أزيده حبًّا.. جدو حسن كنت و مازلتُ أحبه و أظنُ كل الرجال الذين لم أقابلهم بعد في حياتي بصفات رجولته و أخلاقه سيكونون على شاكلته. أتذكرُ كلَّ تفاصيله حتى اليوم و كأنه يتمثَّلُ أمامي. طوله الفارع حتى سقف سيارته الصغيرة التي كان له فيها أثرٌ لرأسه. في الصباح كنا نتدافع على بنطاله الذي لا أستطيع أن أضع فيه الحزام بينما كان أخي الذي يكبرني يفعل. كنا نجري وراءه عندما يستيقظ لكي يُسرع و يأخذنا إلى المدرسة. مازال طعم الجمبري المقلي في فمي عندما كان يأتينا ليلاً و يطعمنا في أفواهنا. مازال الجبن و البطيخ الذي كان يقطعه لنا في العاشر من رمضان عندما نذهب معه في السيارة لتكون أفضل رحلاتنا معه. مازالت هيبته عندما تُسكتنا جدتنا لنومه و عندما يستيقظ ليلعب معنا. مازالت أكتافه و هي مثقلة بحملنا أثناء الصلاة و نحنُ لا نريده أن يُنهيها كي لا تفوتنا لحظات من أمتع ما تكون نقضيها بحبٍ عليها. كنتُ أتشبث بها كثيرًا كي لا أسقط على الأرض من أعلى أكتافه فأرتطم، فأجده يسندني و يسنده بجواري و يكمل الصلاة. جدو إني أحبك كثيرًا كثيرًا. رغم ما كنتُ أخشاه من صوتك عندما يعلو أثناء محاسبتك لأبنائك. كنتُ أراهما كبارًا تغطي شواربهم ما تحت أنوفهم. و مع ذلك كنتُ أرى الواحد منهم يخشاه و يهابه. لم أستغرب عندما سمعتُ بما حدث من خالي الأصغر عند وفاته. دخل عليه الفيللا و قرع باب حجرة نومه و استأن في الدخول فلم يُجبهُ. و عندما دخل ليجده نائمًا و هو يضع المصحف على صدره ظنه حيًّا فخاف أن يزعجَ نومه. لكنه تأكد و بعد أن فحص نفسه أنه لا ينام. بل هي نومته الأخيرة. أبكيه كلما أتذكرُ يديه تداعبُ أقدامي و أنا نائمة. يوقظني دومًا هكذا. أدخل على خالاتي و هن على أسرتهن و أراه يداعبهن بنفس الطريقة. كانت خالتي الصغيرة لا تحب أن يزعجها أبوها و يقلق نومها. بينما كانت من تكبرها تستيقظ لتطبع على جبينه قبلتها المعهودة. أحبك جدي و أنا أحظى بقبلةٍ حنونة من شفتيك على خدي الصغير، و لا تُزعجُني شعرات شواربك الخادشة لرقةِ جلدي. أحبك جدي و أنتَ تجلس على باب الشقة لتنادي على أبي الذي يرفض أن نأكل معك ليلاً لننام، فتناديه مرةً واحدةً ليطيعك دون نقاش. أحبك جدي فأنتَ من أراه نموذجًا لرجال عصرٍ اختفت معالمه. أحبك و مازلتُ أتذكر كل تفاصيلك التي لن تنمحي بسهولة من ذاكرتي.