المتابعون

السبت، 10 أكتوبر 2009

راحوا فين حبايب الدار؟؟؟


جدو و تيتة...

راحوا فين؟؟؟



كنت صغيرة، في عامي الثامن أو التاسع بالكاد. كان يأخذنا كل يوم أحد من المدرسة...ينتظرنا بالخارج بسيارته.

كنا نفرح كثيراً أكثر من فرحتنا بأبينا القاسي.

كنا نقفز..نقفز فرحاً. لا لا ..بل كنا نطير طرباً.

يأخذنا بسيارته.

ننتظره...و ننتظره...

طال الانتظار...

-هيا يا حسن!

-لا أنا أعلم أنه سيأتي.

-بابا هيزعق و ممكن يضربنا.

-لأ جدو هييجي.

-طب مشيت الدادة ليه؟

-عشان هوة هييجي دلوقت.

و انتظرناه....لكنه لم يأتِ.و كما توقعت أتى من لا يرحم....بابا.

علا صوته ليملأ فناء المدرسة.

في البيت كانت العلقة ساخنة.



لكن جدي عندما سمع بالأمر وبخه..

أحسنتَ يا جدي.



في الصباح كان يأخذنا جدنا في سيارته إلى المدرسة.

كنا نصحو مبكراً.

نصعد الدرج.

نطرق الأبواب.

نقتحم الشقة.

لم تكن الجدة قد احتلت مكاناً في القلوب بعد.

ندخل مسرعين إلى حجرته.

نوقظه من نومه.

يبتسم لنا ابتسامته المليئة بالحب و الحنان....

يدخل الحمام.

ننتظره..

لكن عيناً في باب الحمام كانت تدفعنا بفضول الأطفال أن نكتشف ما يفعل.

كان يضع رأسه الجميل تحت الصنبور.

ثم يمشط شعره بعد أن يضع الفازلين الأخضر من العبوة المستديرة.

ثم يفتح الباب فيبتسم عندما يرانا إلى جوار الباب.

و تدخل تيتة..

بيديها كوبان:كوب صغير به العسل الأسود و عليه قليل من عصير الليمون..و كوب كبير باللبن الأبيض الذي كنت أكره شربه.



يشرب الأول ثم التالي.

نسرع و نحضر له بنطاله.

و حزامه الذي نتشاجر من سيضعه في البنطال...أقفز و يقفز أخي فيفصل الجد بيننا فأضع طرف الحزام في عروة و يضع أخي الطرف في العروة التي تليها...حتى تكتمل ملابسه.

-بابا بينده. يصرخ حسن مرتعشاً.

أطمأن لما أرى على وجه جدي من علامات بالسكينة و الهدوء.

نسرع

و يسرع خلفنا

ها قد وصلنا متأخرين إلى المدرسة..

لكننا كنا فرحين جداً

و قبل أن نصل، اتأمل السيارة من الداخل: علامة رأس جدي طويل القامة في سقف السيارة..





لكنه في المرة الأخيرة قد وعد

وعد أن يأخذنا في نزهة بسيارته الجديدة التي سيشتريها.



في طريقنا للمنزل بعد انتهاء اليوم الدراسي.

حسن يختصر الطريق و هو يغيظني:هعدي من هنا عشان أوصل قبليكي...هروح أشوف جدو قبلك و أنتِ لأة..

-حسن..أنا مالي أنا همشي من هنا.

و في الطريق ألمح من بعيد سيارته.

جدي و أقبله للمرة الأخيرة.

أقبله بشدة و أنا لا أدري لماذا لا تمنعني القبلات.

جدو استنى حسن عايز يشوفك.

جدو يرد: و فين هوة؟؟

أقول له: راح من هناك عشان يوصل قبلي و أنتَ جيت من هنا ...استنى يا جدو هناديهولك.

جدو يقول: هاجيلكم تاني.

-إمتى يا جدو مش كنت بتقول هتفسحنا بالعربية الجديدة؟؟؟

-المرة الجاية عشان أروح العاشر.



و يروح جدو العاشر.

و ننتظره عشان ييجي.

الله...جدو ما جاش ليه؟؟

يتصل الأبناء به في المحل بالزمالك.

و لا مجيب.

إذن فهي رحلة الذهاب و العودة الطويلة.



تنطلق سيارة أبي، و خالي و عمو حسن زوج خالتي.



في الصباح تتوارى منا أمنا.

أرى عينيها المنتفختين فأعتقد أن تيتة حدث لها شيء ما فقد كانت تعاني من ارتفاع بالحرارة و رعشة قوية.



حسن يستيقظ.

لا يوقظه الخال و عمو حسن.

أبي و خالي و خالي و عمو حسن في البلكونة بحجرتنا.

حسن يبكي بكاءً شديداً.

أتلصص لأعرف لماذا يبكي....فلا يجيب.

أرتدي ملابسي مع ألف علامة استفهام.

أخي لا يجيب.

خالي لا يجيب.

أبي لا يجيب.

و العينان المنتفختان تقلقاني.



في الطريق يأتي أبي على غير العادة ليأخذنا إلى المدرسة.

أسأله بإلحاحِ شديد: في إيه يا بابا؟

يرد قائلاً: مش تيتة فوزية ماتت؟و جدو أحمد مات؟ ..... جدو حسن كمان مات.

صدمت.

لم أعرف ماذا أجيب؟

لم أصرخ.

نعم أحبه...لكن أبي أخبرني إذا بكيت سيتعذب.

و أنا لا أريد له عذاباً.

في الطريق الذي استكملته مع أخي إلى المدرسة، كنت أغني في سري أغنية: ياللا نعدي الصعب مش بإيدينا بإيدينا... ياللا نعدي الصعب و برجلينا برجلينا...يا دنيا إيه لزمته الحزن و إيه فايدته....

أغنية ألفتها من كتر أغاني كنت بسمعها كتيييييير في الوقت ده.

جدو مات .

جدو مات...

بس تيتة احتلت مكانها في قلبي.

مش هحكيلكم دلوقتي

عشان لازم أروح أغسل وشي.

عشان اللي ما بكيتهوش في صغري ببكيه كتير قوي دلوقت.

و سلام

قصة كنت أحب قراءتها




و كنتُ أتلذذ بها. و لا أريد أن أتركها.حتى كبرت فكبرت معي...لماذا لا أستطيع العيش بمفردي؟؟؟


القصة كانت كالتالي:


يملُّ الدبُّ من العيش مع والديه، فيقرر العيش بمفرده في بيته الجديد الذي قام ببنائه بنفسه. و بوصوله للبيت يختار لعباً يسلي بها أوقات فراغه. فتارةً يطبل، و تارةً يصفر.


لكنه في النهاية يصاب بالملل.


فيقرر مجدداً صنع شيء جديد.


هذه المرة يقوم بعمل حفلٍ.


يعزم في الحفل كل الأصحاب.


يعد الكعكة.


يعد الزينات.


و في النهاية...لا يصل أحد.


لماذا؟؟؟


لأنه لم يخبرهم بعنوان بيته الجديد.




يا لها من مفارقة!


و ياللسخرية!!


لكني عندما أصنع بيتاً لي سأترك عنوانه الجديد على دعوات الحفل.




ألا أستحق أن أسكن بمفردي؟!؟

يأيها الإنسان هل تبكي لما أبكاني؟؟!

أرأيت ماذا قد حصل في العالم الحيرانِ
اليأس يعبثُ بالأمل و يهزُّ كلَّ كياني
العين فارقها الكرى و القلب فارقه الأمان
يا أيها الإنسان هل تبكي لما أبكاني أرأيت ماذا قد حصل في العالم الحيران
اليأس يعبث بالأمل و يهز كل كياني
يا ليل كم أثقلتني بالهم و الأحزان
أصداء صرخة موطني تنساب في وجداني
فنى كل لحني أعيني بمدامع الحرمان
هتف الجهاد بإخوتي فمضوا بلا استئذان
سأعيد أرضي بالدم قاني و بالنيران
عذراً
كانت هذه قطعاً من القصيدة التي كانت تتغنى بها زميلتي بفريق الإنشاد الديني
و لولا أنها مكتوبة، لأسمعتكم لحنها الجميل
كم كانت تؤثرفي!
كما كانت تؤثر صديقتي الأخرى في فريق الإلقاء و التمثيل بمدرسة الحوياتي الثانوية للبنات
كانت تلقي قصيدة لفاروق جويدة فتقول: أمات الحب عشاقاً....إلى آخر القصيدة
كما كانت شيرين عز الدين تقف بشموخها المعتاد فتقول:
تمليناك حين أهل فوق الشاشة البيضاء وجهك يلثم العلمَ
الله
كم كانت ذكريات طيبة
كنتُ أنا أتغنى بفلسطين قائلةً:
ديار السلام و أرض الهنا...يشق على الكل أن تحزنا
فخطب فلسطين خطب العلا...و ما كان رزء العلا هينا
يريد اليهود بأن يصلبوه...
و تأبى المروءة في أهلها...و تأبى السيوف و تأبى القنا
إلى آخر القصيدة
إلى الوراء
الصف الأول الإعدادي
مدرسة إيجبت الخاصة المشتركة
فريق الإلقاء و التمثيل
ميس سوسن حنفي
عندنا في البيت بطة..لم تضع للعيش خطة
جسمها جسم نحيل..ريشها ريش قليل
ذيلها يبدو هزيلاً..وجهها يبدو عليلاً
صوتها مثل النفير..بين أصوات الطيور
حين تمشي في جسارة..تملأ البيت قذارة
و إذا قامت تغني..رددت من غير فن
كل من يسمع عنها..عندنا يسخر منا
ذات يوم قابلتني..في الضحى و استوقفتني
ثم قالت بافتعال..هل ترين مثل جمالي
إنني أحيا وحيدة..بين أقراني طريدة
ليتهم يدرون قدري..قبل أن ينفذ صبري
قلت يا أختاه مهلاً..و انظري ما كان قبلاً
أنتِ تفنين جمالك..و تجارين خيالك
و اسمحي لي أن أقول..جملةً تشفي العليل
إن من يهوى الغرور..لا يرى إلا الشرور
و إذا عشتِ نظيفة..صرتِ للناس أليفة
كانت هذه القصيدة هي ما أخذت عنها المركز الأول على إدارة عابدين التعليمية في الإلقاء
في صورة بدوت و أنا أتسلم جائزتي من أ.صبري بدران أحمد البسيوني
لكن زميلاتي لم تعجبهن وقفتي
فرحن يسخرن منها
فقطعت الصورة إرباً إرباً
و الآن أندم على فعلتي
الحديث عنكِ يا رحلتي يطول
له بقية
و لي معه كلمات زكية

يا ترى تفتكروا؟؟؟

كتاب العربي بتاع سنة أولى ابتدائي كان فيه شخصيتين: أمل و عمر.أمل و عمر في الحديقة.أمل و عمر يلعبان الكرة و الكرة تقفز.و في نهاية الكتاب كان هناك الجمل و الكتكوت.يا ترى لسه فاكرين؟؟؟؟
كتاب الحساب بتاع سنة تالتة ابتدائي كان بندرس فيه النص و الربع و التلت و كانوا بيمثلوهم لنا بالرغيف.
كتاب العربي في سنة تالتة كان فيه درس قراءة بعنوان مصطفى كامل و كانت صورته الشهيرة بالطربوش الأحمر و ميلاده سنة ألف و تمنمية و حاجة و وفاته برضو.
على فكرة من كتر حبي في الدرس ده كنت بمشي في الشارع و أقوله عشان كنت حافظاه.
و كمان صورة مصطفى كامل قلدتها و رسمتها و كنت فرحانة بيها جداً.
فاكرين كتاب العربي في سنة رابعة و درس الأصدقاء السعداء اللي كانت فيه التلاميذ زعلانة من بعضهم و تصالحم و منهم واحدة اسمها سعاد و كان في واحد مبيحبش يشرب اللبن و بيقول:(لكني اليوم شربت اللبن كله) عبارة مش ممكن أبداً هنساها.
فاكرين كتب سنة خامسة ابتدائي لما كان فيه نماذج الأسئلة و الأجوبة؟؟؟ و كتاب العربي المميز اللي كان عليه بنوتة لون فستانها لبني و عيونها لبني و شعرها أصفر و بتمد إيديها كدة بطريقة معينة؟؟؟
فاكرين في أولى إععدادي درس الحطاب الغلبان اللي كان ماشي بيقول: أفسحوا الطريق انتبهوا و عدى عليه ابن الأمير و اتلكك للحطاب الغلبان و قطع قميصه فراحوا الاتنين و اختصموا أمام القاضي اللي نصف الحطاب عشان كان بيصرخ بصوت عالٍ: أفسحوا الطريق انتبهوا!!
كان في درس كمان لصديق سافر و ترك زعلة مليئة بالنقود الذهبية تحت زيتون فخانه الصديق عندما أوحت له الزوجة أن هناك شيئاً ما تحت الزيتون.و بعودة الصديق يسأل صديقه الخائن للأمانة عن الجرة فإذا به لا يجد ما ادخره تحت الزيتون.و يختصمان أمام القاضي فلا يحكم بالعدل لحيرته في هذه المسألة وتصير الحكاية من أشهر ما يجري على ألسنة الناس في المدينة ثم يتناولها غلمان في الطريق فيمثلون المحكمة و يرون الحل في أن يتذوق القاضي الزيتون فإذا ما كان قديماً فالمدعي صادقاً و هكذا يعيد القاضي الأصلي النظر في القضية و يكافئ الغلمان و بخاصة الغلام الذي قدم حلاً للقضية المحيرة.
فاكرين قصة علاء الدين و المصباح العجيب؟
الشيماء؟
أسماء بنت أبي بكر؟
حمزة بن عبد المطلب و هند بنت عتبة التي قضمت كبده؟ كنتُ كلما تذكرت المشهد أردتُ أن أقضم قلبها القاسي لكنني سمعتُ أنها أسلمت و تابت عما فعلت.
فاكرين كتاب العربي بتاع سنة خامسة ابتدائي اللي كان فيه درس في آخر الكتاب و اسمه:"الفأر القارض للشعر" و كان الفأر لا يقرأ و لا يكتب و لكنه عندما سمع بيت الشِّعر القائل: عندها المهارة كي تصيد فاراً.فقرض الفأر الشعر. و هنا المفارقة فقارض الشِّعر المقصودة في النص كانت مَنْ يحفظه و يعرف معانيه و يؤلفه و هو الماهر بالشعر. أما القارض هنا كانت للفأر الذي قرضها بأسنانه غيظاً من القط.
هاهااااااا
فاكرين في تالتة إعدادي درس محمود تيمور؟
و سهير القلماوي؟
شخصيات كانت رائعة
يتغنى بها مدرسنا الأستتاذ عاطف حسين فتعلق بأذهاننا لهذه اللحظة.
فاكرين إيه و لا إيه و لا إيه؟
اللي يفتكر درس يا ريت يا جماعة ما ينساش يتكلم عنه.
هكون سعيدة بيه و بالدرس و بالذكريات الجميلة الطيبة.
دمتم لي

الجمعة، 9 أكتوبر 2009

أشتاق إليكِ











علمتني أن أعود إليها و أركن إلى جسدها و أميل على خدها فأقبلها و أقبل جبينها. في كل ليلة أشتاق إليها، تأتيني فأجدها تطوقني بذراعيها و ارتمي بقوة في أحضانها، فتمد إليَّ يدها و تقول: مالك يامه؟
"مالك يامه؟" أتأمل الكلمة. مَنْ أمُّ مَنْ؟ هل كنتُ أنا أُمُّها؟ أم كانت لي أماً و أختاً و صديقة؟؟
أقترب منها فأروي لها ما قد دار بيني و بين فلان و فلانة، فتقدم لي النصيحة.
كانت تقول لي كلمات ذهبية: معرفة الناس كنوز... السفيه داريه و هات كحك بسكر و هاديه.
هذا بالإضافة إلى أغنيتها الشهيرة: يا رانيا يا غالية...خُطَّابِك تمانية...اتنين يجيبوا اللحمة...و اتنين يجيبوا البامية...و اتنين يقولوا لاتنين...بنت الأكابر غالية.
لم تغنيها إلا لي.
حاولت كل بناتها أن تستخرجها من شفتيها لبناتهن، لكن عبثاً حاولوا.
كانت لي و ستكون.
أغنية جدتي.
حتى أختي الصغيرة لم تنعم بهذا الغناء.
سجّل لها عمي في بيته أغانيها القديمة الجميلة على شريط.
و المفاجأة عند سماعي الشريط. سمعتها رغم كل هذا تغني لي. لم يمنعها وجودها في بيت عمي و خالتي و أمام بناتهما أن تغني لي.
غنت و شدت و باسمي تصدرت القلوب.
تأتيني ليلاً فأراها بيديها التي تمدها إلي فتقول: مالك يامَّه؟
تبكيني و تضحكني عندما أتخيلها لما كانت تخلع أسنانها فتقول: تعرفي تعملي كده؟
تضحكني أيضاً عندما أتخيلني مكشرة فترى هي العبوس على وجهي فترفع حاجبيها و تنزلهما في حركات تشبه حركات الرجال في مغازلة النساء قديماً.
تضحكني، فتبكيني السنون التي مرت على وفاتها.
مرت أربع سنوات على الرحيل.
كان يوماً غريباً.
أتذكره في منتصف رمضان.
التاسع عشر من أكتوبر عام 2005
كتبت النهاية.
و كتبت ليّ أيضاً نهاية.
قبلها بليلتين كانت تتألم ليلاً حين ساد الظلام شقتنا فرحتُ أتحسس بخطواتي باب الحجرة حتى وصلت إليها فوجدتها تطوقني بذراعيها، فقلتُ لها: بتناديني يا تيتة؟ أنتِ كنتِ بتنادي؟
و أجدها تتشبث بي...فأميلها على جانبها الآخر.و أقرأ على ظهرها يس. و أتمنى لو كانت هذه آخر ما أتلوه عليها لتدخل بها الجنة.. و أتراجع متمنية لها الشفاء. فمَنْ لي سواها مِن بعد الممات؟
أتذكر بقع الدماء التي كانت تنزفها على الأرض، فأقوم و أمسحها و تتزايد مخاوفي. فتخرج من الحمام و تتحسس الأرضَ بقدميها و تجد في يدي ما نشفت به الدماء، فتسألني، و أجيبها: لا شيءَ أردتُ فقط أن أرطب الجو. الدنيا حر يا تيتة.
أتوسلُ ليلاً إلى الخال ليأخذها إلى الطبيب. يقول لي هامساً: العملية خطيرة عليها في السن ده.
أتمنى أن تكون لديَ سيارة. الآن لم تعُد تجدي فالجدة ماتت.
كنتُ حتى لو سأمتلكها بعد وفاتها، لن أسمح لأحد أن يستقر فوق الكرسي إلى جواري. كنتُ سأربط عليه فستانها التي روت لي أنني وُلِدتُ به....مكانكم! ده مكان تيتة.






عار عليكم يا أشباه الرجال!

العبارة الشهيرة: (استرجل و اشرب بيريل) التي فوجئنا جميعاً بها تجتاح شوارعنا و مياديننا العامة و جامعتنا مؤخراً، لم تكن سوى محاولة رخيصة دنيئة مدبرة لتحويل المجتمع ككل و بخاصة الشباب الذين يمثلون الجزء الأكبر منه، إلى سكارى.
استفزني الإعلان و استفزتني العبارة كما استنكرتموها جميعاً و لكن ما استفزني و أجج قريحتي ما رأيته بالجامعة: ثلاجة بإحدى الكافتيريات تتصدرها زجاجات تشبه إلى حد كبير جداً جداً زجاجات الخمر أو النبيذ الأحمر على وجه التحديد.
اقتربت من الثلاجة و إذا بي أشاهد ما أشاهده اليوم كثيراً من حجج واهية بالية خرقاء تطلقها هذه الشركات الكافرة لترويج بضائعها بشكل لافت للانتباه :"مشروب التفاح".... تأملت الزجاجة أكثر فأكثر فوجدتها و الله تشبه زجاجات النبيذ الأحمر الذي نراها في الأفلام الأمريكية عندما يجلس البطل إلى جوار العاهرة و يمد يده إلى الكأس الفارغة و يصب بنشوة استعداداً للسكر و ما يتبعه معاذ الله.
سألت البائعة لأتأكد ربما ما أراه أخطأت قراءة عباراته، فتقول لي بمنتهى البراءة: إنه عصير التفاح.. مسكينة فقد خدعوها من أجل لقمة العيش التي أصبحت عملة للإتجار بالغالي مقابل الرخيص في مجتمعاتنا العربية.
فتاة في مثل عمرها تؤكد لك أنه ليس خمراً و أنه عصير التفاح اللذيذ الجميل القوي النكهة البريء التأثير.
بريئة هي الفتاة.
و سافرة هي الشركات المروجة لأبشع الأشياء المنكرة.
سافرة سافلة قبيحة.
و الوجه مكشوف.
و الشباب يترنحون بأيديهم آلات السكر و العربدة.
و السؤال: كيف أقرت هذه المشروبات الأجهزة الصحية و الرقابية بالدولة؟؟؟
أأأأأأأأأأأأأأأأأه تباً لهم.
ليست المنتقبات وحدهن المحاربات.
قد يجيبني أحد الشباب ببراءته المعهودة: و هل هو خمر؟ إنه عصير؟ ماذا يجعلك تهاجمينه؟
فأرد ببساطة: يوماً كنا نضع الأقلام في أفواهنا هزلاً و مرحاً في الصغر، فكبرنا و دخن منا الكثيرون.
الآن يضعون زجاجات تشبه زجاجات الخمر في أيديكم، فتعتادوها مثلما اعتدتم من قبل وضع الأقلام فالسجائر.
حسبنا الله و نعم الوكيل
في بلد الأزهر تغتال براءة المرأة و طهرها و عفافها:خلع النقاب، ترويج أغشية العذرية الزائفة، ترويج زجاجات تشبه زجاجات الخمر في الجامعات، و ماذا بعدها؟؟؟ لا نعرف.
و لماذا نعرف؟ كفانا ما نأكل و نشرب و نرتدي فنستر أو لا نستر فالكل عارٍ.
الكل عارٍ يا أجهزة الدولة!
الكل عارٍ يا سيادة الغفير!
الكل عارٍ يا سيادة المحترم الذي تركنا ليتسول اللقيمات من إخواننا العرب!
الكل عارٍ و ياللعار؟!!

السبت، 3 أكتوبر 2009

ليلة بين ذكرياتي و دموعي

لماذا التقينا؟ و لماذا نلتقي؟ سؤال في بالي منذ رأيتها.كنت قد حاولت الاقتراب في البداية، فباعدتني عنها الظروف، و اقتربت مرة أخرى كالمغناطيس، فإذا بها هي التي تجذبني. كانت لقاءاتنا، و في آخرها تحدثت بالسر...سر الجاذبية الذي ما كنت أدري أنه سيكون أقوى أسرار الجاذبية بيننا. في الطريق يشير إصبعي نحو الظلام. و يتحرك لساني باسم المكان الذي ضمنا و لم يجمعنا. عندها توقفت...كانت ستعبر الطريق، و إذا بها تستوقفها الكلمة. كأنها رقصت فرحاً فهناك أخيراً ما يجمعنا دون أن ندري..هناك ما يجذبنا . إنه نفس المكان الذي ضمها هي و توأمتها. ضم أحلامهما...ضم ضحكاتهما...ضم ذكريات الصبا...على نفس الأدراج جلستُ ، و لم أكن أدري أنهما جلسا عليهم من قبل. شرحت لي أختها كم كان هذا الشخص بصمة و علامة في تاريخ حياتهما. قالا لي كم بلغت صدمتهما عندما سمعا خبر وفاته في قطار الصعيد. تذكرت المدرسة و طابور الصباح و أستاذاً ينعي أستاذاً لم أره ، و لكنني سمعت عنه الكثير و جادلته في مناظرة بالمكتبة ، و بعد أيام من الجدال هزني الخبر. هالني ما قد سمعت منهما. قالا لي: إنه كان يؤكد لنا أنه سيموت. قلت لهما: و أنا أيضاً أؤكد لكما ما أشعر به.. إنه هو نفسه...ليلتها نمت، و لم أدرِ لِمَ لَم أحلمالليلة الماضية..تأملت كم كانت في كل مرة تربت على كفي تزيل هماً و تمسح جزءاً من أسايّ. بكيت...و بكيت.ليس غريباً بكائي. لكن الأغرب أنني شعرت بإلحاح أن عليّ أن أخبرها أن لمسة يدها تذكرني بما أردت أن يضمني كي أشعر معنى الحنان الحقيقي.....إنه قبري

حفل توقيع كتاب تقفز من سحابة للشاعرة الجميلةغادة خليفة

الأرض ليست مكاني

الصورة لحسن مسعود مع زملاء الحضانة في مدرسة إيجيبت الخاصة و هو الثاني من اليمين في الصف الجالس








في حجر جدتي كان الميلاد، و في قبرها أتمنى الرقاد.أتذكر كل ما كان يحدث لي في طفولتي، و أعجز عن نسيانه.تعجلت الدراسة فرأيت أخي يذهب صباحاً كل يوم لمدرسته و بكيت حيث أردت الذهاب أنا أيضاً. و في المدرسة صاحبت من يكبرونني سناً، كنت أترك الفصل و أذهب إلى فصل أخي لأنني أحبه فما كنت أريد أن أفارقه، حتى السنوات التي سبقني فيها في الدراسة، أردت أن أتخطاها و أجلس إلى جواره. لكنه كان يبعدني، كان يحب أن يلعب الكرة و يصاحب زملاء الدراسة و هو ما لم أكن أفهمه. في فصلي رأيت أحياناً أنه يصعب علي الاندماج مع الفتيات في سني، و كذا الفتيان. أرى الفتيات يعقدن اجتماعاتهن في آخر الفصل، و أراني لست بينهن. كلما كنت أقترب منهن، كن ينهرنني بقولهن: أنتِ صغيرة. حتى عندما انضممت لفريق التمثيل و المسرح، اهتمت الفتيات بالظهور بينما لم أهتم، لكنهن كن جديرات بذلك. في مسابقات المدرسة كنت أحاول ألا أقحم نفسي عليهن، فإذا بأساتذتي يرشحونني لاجتيازها زاعمين تفوقي، و كنت أرى في أعين الفتيات اندهاشاً أحياناً، و أحياناً أخرى استكثاراً لما رشحت إليه.كلما رشحت نفسي لنيل منصب في مجلس الفصل رأيت الفتيات ينظرن إلي بعدم اكتراث، حتى لو كان المنصب الذي رشحت نفسي فيه لا تنافسني عليه أي منهن، كنت أجد نفس النظرة: نظرة الإقصاء. في بيتنا كنت ألعب مع ابنة عمي و خالتي، فإذا ما حضرت ابنة الجيران أصبحت أنا العدوة اللدودة التي عليها التخلص منها للعب مع الجارة. و بالأمس تذكرت عبارتي الشهيرة التي أذكر نفسي دوماً بها: الدنيا تطردني... كنت بينهم و لم أكن منهم. رمقتني نفس النظرة من بعضهن ممن يمتلكن الرأي و الكلمة فأحرجتني تلك الفتاة رغم فارق العمر بيني و بينها. لم أعد صغيرة كما كنت يوماً لأذهب لفصل أخي. و لم أعد صغيرة كي أصاحب الكبار فليس هناك من هو أكبر مني في جلستهم. أريد انسحاباً من حياتهم. أريد أن أعود لصدر جدتي. في آخر يومي كعادتي أنهار و أغرق وسادتي دموعي التي لم تجف منذ فراق من كانت تنام عليها قبلي.......جدتي