المتابعون

الأحد، 31 يوليو 2011

فانوس بشمعة,......و إيه الجديد؟؟

الفانوس بتاعي ده أبو شمعة منورة... أيوة هو أبو شمعة منورة...أنا و حسن و طارق و عبد الحميد و نورا ما كبرت شوية و هبة و نهى الصغننة و كلهم كلهم...كل عيال العيلة بتلعب بالفانوس اللي يح يح يح بيلسوع في الإيدين... و نجري على مكنة خياطة تيتة و نشب عشان نطلب منها و هي قاعدة تفصل لنا فساتين العيد حتة قصقوصة عشان نربطها و نعملها إيد للفانوس.
ع البسطة الجميلة ربطنا كل الفوانيس بالقصاقيص القماش اللي هي من فساتين العيد بتاعتنا و نزلنا عند الجيران على السلالم نقول: وحوي يا وحوي إياحا و حاللو يا حاللو مرضان كريم يا حاللو
معلش...أصل رمضان بتاعنا إحنا كان على أيامنا اسمه: مرضان بتاع الأطفال الصغننين اللي ما بيعرفوش غير حاللو يا حاللو
جدو قبل ما يموت كان لازم ينزل بنفسه كل سنة و يجيب لنا فوانيس جميلة بشمعة... على فكرة برضو كان في فوانيس بلاستيك، بس مليش دعوة يا جدو أنا عايزة الفانوس دا...هيه
أجمل حاجة لما كان جدو بيشييييييييييييييييل حسن و يصلي بيه و هو على كتافه
أنا كمان كنت بستناه يسجد عشان أرمي نفسي على كتافه، أصلك طويل أوي يا جدو هطول بس كتافك إزاي؟ أنتَ كتافك يا جدو أطول مني أنا نفسي.
تيتة بتجري ورايا و ماما بالمازورة و المقص.... تيتة تقول لي: تعالي بس هنا... و أنا عايزة ألعب يا تيتة الفانوس بينادي و حاللو يا حاللو عايزاني أقولها.
أجمل حاجة لما بابا كان مش بيرضى نطلع لجدو نفطر معاه... نستنى لما جدو ينادي بصوته العالي اللي بابا عمره ما يقدر يقول له: لأ أبدًا.. و نطلع.
جدو قاعد جنب الباب كالعادة و مستني نطلع.. أنا بطلع و برمي نفسي في حضنه.
حسن بيوشوشه و بياخد مصروفه اليومي منه: جنيه بحاله و كمان حق الوشوشة: ربع جنيه كمان
جدو بقى بيديني جنيه و يقول لي: و أنتِ مش عايزة حق الوشوشة؟
تعالي يا قنوعة أنتِ يا غلبانة.. و أفضل في حجره الجمييييييييييييل أوي.
جدو مشي بسرعة و سابنا لرمضان.
و سابنا للفانوس الملسوع اللي حسيت من بعده إنه ما لهوش طعم الإزاز الملون و الشمعة المنورة اللي بتلسوع الإيدين و بتبكي على سنين عمرنا اللي فاتوا بسرعة.
الله يرحمك يا جدو
الله يرحمك يا تيتة

الأحد، 17 يوليو 2011

ترابيزة سفرة تيتة

منضدة طويلة خشبية لها كراسي كثيرة تحيطها. كانت المنضدة و مازالت تحوي العديد من الذكريات الجميلة. تحت هذه المنضدة جلستُ أنا و أخي صغارًا نلعب مع أولاد الجيران و عندما كبر أبناء الأخوال و الخالات جلسنا جميعًا تحتها.
للمنضدة شكلٌ مميز بسيط، و رغم ثقل كراسيها كنا نزيحهم لنتخذها بيتًا نصنع تحته تفاصيل حياتنا البسيطة في لعبنا اليومي. المنضدة عبارة عن قطعتين كبيرتين من الخشب يربط بينهما لوح خشبي عريض كنا نتخذه كمنضدة نضع عليها أكواب الشاي التي نتخيلها أثناء اللعب، و لا مانع أن نضع أحيانًا الأطباق البلاستيكية التي كانت تضع لنا فيها الجدة بعض الطعام.
من بين كراسيها كنا ندخل إلى المنزل الخيالي. و أحيانًا كنا نخرج و ندخل من بين أرجل الكراسي. البعض الآخر منا كان يصنع بيته بصورٍ مختلفة تمامًا، و كله يتوقف على رضا الجدة عما نصنع بأثاث منزلها. أو بالأحرى انشغال الجدة بحديثٍ طويل مع الجارة العزيزة التي هي الأخرى كان لأولادها الصغار دورهم في شقتنا الخيالية.
ارتبطت أحاديثُ الجدة أو أغلبها بالطبخ و بالمسلسلات العربية و بأسعار الخضر و الفاكهة. لم تكن تمل من لعبنا إلا إذا خطف أحدنا برطمان السكر ليضع بدلًا منه الملح فتصنع هي كوبًا من الشاي لتُحليه بقدر و لو بسيط منه فتكتشف المصيبة و يعلو صراخها. كنا نضحك كثيرًا و أحيانًا يكاد قلبي يقفز من مكانه خوفًا منها أو عليها.
أتذكر جيدًا رغم مرور السنين لعبنا. أخي يتقمص دور الأب، و أنا أتقمص بدوري دور الأم و أحد أبناء الجيران في عمرنا يتقمص دور الخال. و تدور أحداثٌ يومية يلعبُ أبطالها الحقيقيون في خيالنا الصغير يوميًّا في واقعنا الكبير و نستعيره منهم لنقلد كل حركاتهم بمنتهى الدقة. حتى تدخين الكبار كان القلم يصنع معنا هذه المعجزة المعضلة. أما النمط اليومي الذي كانت الأم تسير عليه بحرفية شديدة فكنتُ أزعم إتقانه.
في يومٍ من الأيام بحثت الجارة عن ابنها الطفل الصغير الذي لم يكمل بعد عامين و أخذت تلطم خديها و تسألنا، و كنا قد انتهينا من اللعب منذ فترةٍ طويلة. و أعدنا الكراسي إلى مواضعها كما وعدنا جدتنا. تتزايد مخاوف الجدة و الجارة و نبحث معهما في كل حجرات منزلها و منزلنا. و فجأة ننظر تحت المنضدة و لأننا صغارًا كنا نرى بأعيننا ما لا يراه الكبار، إذ أن الجارة قد نظرت تحت المنضدة التي تحيطها الكراسي مرات و مرات لكنها لم تبلغ ما نبلغه نحن الصغار بقصر قامتنا. أخرجناه نائمًا من تحت المنضدة لنقطع خوف الجدة و حيرة و قلق و توتر الأم لغياب رضيعها. كان الموقف مفجرًا للضحكات و خصوصًا بعد أن تذكرنا أنه كان يمثل معي دور الابن الذي فشلت أمه الحقيقية - الجارة - أن تضعه في سريره نائمًا، إلا أنني قمتُ بذلك و نسيتُ عندما نادت الجدة لتشير إلينا بانتهاء وقت اللعب و بأن أمنا على وشك العودة من العمل، لذلك أعاد كلٌّ منا الكراسي إلى موضعها و نسينا الطفل بينها نظرًا لضآلة حجمه.
نفس الجلسة التي جلسناها تحت المنضدة أو المائدة المستطيلة الخشبية ،التي كانت الجدة تصر على تزيينها، جلستها أجيال و أجيال و لم نكن ندري أن أحجامنا تكبر في حين تتضاءل أحجام الآخرين لتتناسب معهم بكل دقة تفاصيل المنزل الخيالي الذي صنعه أول جيلٍ لنا....تحت المنضدة.

الأربعاء، 13 يوليو 2011

موقف لا يُنسى

كنا في الصف الثالث الإعدادي و في مدرستي من آن إلى آخر كان المدير يدخل إلى فصل و يختبر الطلاب بمسألة في الرياضيات أو بجملةٍ في النحو أو في نصٍّ بالعربية أو بالإنجليزية. و كنتُ بفضل الله في فصل المتفوقين و لستُ أدري إن كان نعمة أو نقمة أن تكون في فصل المثفوقين الذي لا يفصلُ بينه و بين حجرة مدير المدرسة سوى خمس دقائق يفاجئنا فيها بالزيارة و يُملي علينا ما يريد اختبارنا فيه.
في هذه المرة أرسل مدرسًا ينوه بالفصل أن الاختبار القادم سيكون في الرياضيات. و قد كنتُ أحبُ مادة الرياضيات و خصوصًا الهندسة، و على العكس كنتُ أكره حصة الحساب بشدة لموقفر سابقٍ ذكرته هنا من قبل. أخذ الجميع يذاكرُ في اليومين اللذين سبقا الامتحان. كانت قد استعصت عليَّ مسألةٌ بها فكرةٌ مازلتُ أتذكر أنها تتعلق بالجبر و الهندسة في آن واحد، و كان كذلك الأمر يتعلق بـ"عمل" أي إضافة ضلع معين للشكل الهندسي لكي تستقيم المسألة. و عند التعويض فيها تنتج معادلة هي في الأصل:"فرق بين مربعين".
لم أكن مُلمة بالقدر الكافي لهذه المسألة، و لجأتُ إلى أشطر و أمهر صديقاتي في الفصل: أسماء مصطفى، ورشا رمضان. كانتا تجلسان في الصف الثاني للفتيات و في المقعد الرابع. شرحت لي أسماء المسألة بعناية و فهمتها منها و من رشا. كانت المسألة أصعب مسألة في المسائل كلها ، حتى عندما جاء الامتحان النهائي في الإعدادية في سنة دراسية تلت السنة التي امتحنتُ فيها اشتكى جميعُ الطلبة رغم ورودها في الكتاب المدرسي.
و عند الامتحان أخرجتُ ورقة صغيرة بيضاء من تلك التي كانت تتحدد بخطين باللون الوردي أحدهما يترك هامشًا عريضًا و الآخر يتركه صغيرًا. و سبحان الله لم يرد في الامتحان سوى المسألتين اللتين شرحتهما لي أسماء و رشا.
كان الامتحان في ظروفٍ قاسية، الجميعُ بالفصل يبكي لصعوبة المسألة.
أنا و رشا و أسماء نحل المسائل بإتقان. تُنهي رشا الامتحان و تخشى سكرتيرة المدير أن تُغشش أحدًا من باقي الزميلات بالفصل، فتنقلها لتجلس بجواري. أشعر بالاضطراب حتى كدتُ أنسى أمر :"الفرق بين مربعين" و أخذتُ أحاول و أحاول أن أتذكر و لا فائدة. إلا أنني وجدتُ رشا تكتبُ على المقعد في تفكيرٍ منها للمسألة و ما أقفُ عنده، فتذكرتُ سريعًا الخطوة التالية التي بها حل المسألة.
حمدتُ الله كثيرًا، و عندما أتى المدير بعد تصويب الامتحان، أمر المدرس أن يضرب كل الفصل ما عدا أسماء و رشا و كانت المفاجأة.... كنتُ مع أسماء و رشا، فقد حصلنا نحن الثلاثة على الدرجة النهائية في المسألتين.
حتى :"علي محمد إمام" الطالب المتفوق الذي كان لا يُفوت امتحانًا دون الحصول على الدرجة النهائية، قام المدرس بضربه، و لكن مدير المدرسة أصرَّ بشدة أن يضربه عشر مراتٍ و ليس كما حدث مع الجميع. فمن كان مجموع درجاته ثمانية كان يُكملها بضربتين بينما من كان مجموعه خمسة فكان يُتمها بخمسة.
تذكرتُ اليوم أن لولا صديقتي رشا لما أُنجيتُ من عصا الأستاذ. و تذكرتُ كذلك عندما ضربتني مُعلمة الحساب عندما كنتُ في حضانة اتنين "كي جي 2 حاليًا" و مزقت رشا رمضان و سامح كتاب الحساب الخاص بي. موقفات لا أنساهما طيلة حياتي. الموقف و ضده.... و تبقى رحلةٌ جديدة مع الذكرى أمضيها هنا بكلماتي.