المتابعون

الأربعاء، 30 يناير 2013

فضفضات

زمان
لما كنت بقابل كل كلمة على الورق وأفتح لها ملف في أي حاجة في الفراغ بعيييييييد أتخيلها: البيجامة.. الوردة.. المشهد الحلو اللي بيرتسم بين أم وطفلها.. اضطهاد زوج لزوجته.. ربما كمان معاشرته لها... كل الخيال كان بالنسبة لي حقيقة بتترسم وبشوفها متجسدة قدام عيني.
زمان
كان فيه طفلة شايفاها دلوقت وشايفة لأول مرة لون فستانها الأحمر وشعرها السايح القصير والقصة اللي مجملاها على جمالها وكل دا وبتشد إيد أمها علشان تدخل عندنا. لون الباب كان بني في لون الكالون النبيتي وشكلها وهي بتلح لأمها إنها لازم تدخل عندنا.
البنت دي كانت هي. هي وبس اللي كنت كل حاجة وهي كانت كل حاجة ليَّ. حتى أختها لم يسعها قلبها. كان لعبنا بين الجيران وجرينا وتنطيطنا ع البسطة وبين إيدين خالاتنا وتيتة وضحكنا وجرينا وكل متعة قضيناها مع بعضنا. لون البلكونة ولون بلاطها ولون ملايات السرير اللي كنا بنحطها نغطي بيها فوقينا. كل حاجة كل حاجة كنا بنلعب بيها. العرايس الحلوة اللي كانت عندي وكنت بشيلها وأول ما تيجي أسربها من ورا ماما لما تلاقيني بخرج لعبي وعاوزة ألعب بيهم كلهم معاها. كل حاجة كل حاجة. البنت دي كانت هي. يمكن ما تعرفنيش لو قرتني النهاردة لأنها بقت حاجة بعيدة قوي عليَّ. لما قالوا هتتخطب قلت: ياااااااااااااه دانا كنت من زمان بتمنى أشوفها واشوف كل بنات الخالات والأخوال بيتخطبوا وأقف في فرحهم وأجيب لكل فرح ليَّ فستان سواريه ألبسه وفي الآخر خالص يمكن لما أتجوز ألاقيهم كلهم في فرحي من حواليا. بس كل واحدة بتتخطب ليه بتتخطف مني كدة؟
الكل فاكر إني بصيت للبنات إنها أصغر كتير مني أنا وهيروحوا بيتهم وانا لأ. نفس إحساس البنت اللي ماتت. بس والله لو أقول من هنا ليوم القيامة إني مش طمعانة ما في ولا حد ف يوم هيصدق مشاعري. مش عارفة ليه ما حدش حاسس إني مش عايزة حاجة من الحياة.

من زماااااااان
وانا كل حاجة بالنسبة ليَّ بحسها مش كاملة خالص. نص أب ونص أم ونص أخ ونص أخت ونص نص وكل نص في الحاجات دي عمري ما حسيت إنه ممكن يكتمل.
شايف إيه يا جدي في عيوني تخليك تبص لي وترجع عنهم؟
ليه حبك الكبير حتى كان كله ليه ونصه ليّ أو أقل؟ رغم إن حبي كان لك أكبر منه كتير...

من زمان القريب
كانت عمتي اللي ماتت بتقول لي إنها هتفارقني ومش هتفضل.. قصدها يعني إن تيتة مش هتعيش لي طول حياتي .. أو حياتها
تيتة اللي قبل وفاتها بشوية كانت بتبص فيَّ قوي.. كنت حاسة إنها هتفارقني وانها بتحاول تملا عيونها مني.
كنت بتخيلها زي ما بتخيل حاجات كتييييير زي ما هي بالظبط أو يمكن بشوفها في الخيال أعمق كتير من الحقيقة.. أعمق من الكلمة اللي بتخليني أسرح في بيت الشعر اللي بيتقال أو حتى ف قصة.
هو ليه جسم تيتة ما اتحللش؟
طب هو ليه أنا كنت دايمًا متخيلاه حتى قبل ما خالي يقول عنه؟
طب هو ليه أنا دلوقت برضو شايفاه وأقوى من الحقيقة كمان ومن الخيال؟
هو ليه أمنيتي الملحة لما كنت بروح من المدرسة مع علياء اللي ساكنة جنب بيتي إني أموت في حضن تيتة ولو ماتت هي قبلي أندفن برضو في حضنها؟

من زمان البعيد
لسه فاكرة وهو خارج م البيت فرحان واخدني معاه بيقول لي إنه ماشي. طبعًا ساعتها حسيت إن حاجة كبيرة هتنقص من البيت. بس خلاص اتعودت. هو مشي وهي مشيت من قبله وسابتني. ويفضل المثل اللي طول عمرها كانت بتفكرني بيه: تعاشر يا ابن آدم ما تعاشر ومسيرك تفارق.

طب هو ليه دايمًا خيال فادية المسيطر في الذاكرة عندي بصورتها اللي اتصورتها معايا؟
طيفها وهي بتعمل كل حاجة بيفكرني بحاجات كتير في الدنيا أنا عملتها.
كلمة بسرعة لخالتي اللي كانت بتقولها لها في آخر لحظات حياتها في المستشفى بتطاردني. بحس إن كل شيء استعجلته هي بستعجله دلوقت زيها.
دلوقت؟؟

عارفة كل حاجة كانت نص
نص دنيا
نص شغل
نص أجر
نص عمل
نص حب.. نص حب.. نص حب.. نص حب.. نص حب.. نص حب..كتيييييييير قوي.
عمر حبي ما كان كوامل.. كله نص.
هو انا ليه تملي بشوف قبرها منور كدة؟
بشوفها برضو نايمة على جنبها.. زي ما كانت نايمة ع السرير وإيدها اليمين تحت خدها.
هو انتِ ليه يا تيتة كدة؟ ليه حاجات كتير قوي كنتِ بتعمليها بتطلع فطرة سليمة وسنة؟
ليه لما كنتِ بتنامي على جنبك كنتِ بتنامي ع اليمين؟ ليه أكتشف بعد السنين دي كلها ليه كان الرسول بيحط إيده اليمين تحت خده؟
ليه؟

أنا فاكرة كل حاجة كنتِ بتحكيها لي: فاكرة حدوتة نوبان اللي بلاد تشيلها وبلاد تحطها.. والغول والدادة بتاعتها والتسعة وتسعين باب في القصر اللي لما فتحت المية لقت الست اللي متعلقة من شعرها وف بقها لبانة وفتحت الشباك لقت الغول جوزها بيحفر قبر اللي مات وكان ماشي وراه في الجنازة بيقول: أخويا أخويا وف الآخر فتح القبر وأكله.
عارفة إني فاكرة كمان لما كنتِ بتحكي لي عن شقاوة ولادك وهما صغيرين؟
فاكرة كمان لما حكيتِ عن جدك الله يرحمه اللي مات على سريره بعد ما صلى الجمعة وهو راقد في الفراش تعبان قوي قوي وكان ما بيحركش غير صباعه في الصلاة. أنا فاكرة كمان حاجة مهمة قوي..
حاجة مهمة.. حاجة مهمة.. فاكرة الموقف اللي اتخيلته كأني واقفة فيه: فاكرة لما حكيتِ لي عن أمك اللي ماتت وكانت محوشة فلوس علشان تحج. فاكرة كمان لأني حسيت مع كلامك عنها بصوت التلبية اللي قلتِ إنها كانت خارجة من قبرها كأنها في الكعبة لأنها كانت عاوزة تروح هناك.

خايفة ومش خايفة..
خايفة من كتر ما بشوفك قصادي كأنك مش ميتة بتتكلمي معايا وبتضحكي وبناكل سوا ونشرب وبحس ساعات إن سنة 2005 لما متِ ما جاتش والتاريخ واقف لسه وساعات بنساه حتى لو افتكرت أرقامه.
عارفة يا تيتة طنط رجاء ماتت بعدك وقالت جملة قبل ما تموت بيوم: قالت أنا طالعة لخالتي.
ولما ماما قالت لها: خالتك ما ماتت يا رجاء
قالت لها: اسكتِ انتِ مش عارفة أنا طالعة لخالتي
طنط رجاء كانت بتشوف حد واقف معاها وف آخر مرة نادت أختها علشان تقول لها: دخلت أستحمى لقيت الراجل قليل الأدب داخل ورايا برضو.. عاوز مني إيه؟

عارفة يا تيتة؟ طنط رجاء أتاريها كانت بتشوف ملك الموت بيقرب منها وهياخد روحها واحنا ما كناش عارفين..

سالي صاحبتي جاية على بالي كتير..
يوم لما زرت أبوها وأمها في البيت اللي اتملا عيال أخوها وأختها الكبار حسيت إنه مش حلم وإنه حقيقة. يااااااااه كل حلم أنا شفته بكل تفاصيله الصغيرة من لون الفرش وشكله وترتيب العفش كل حاجة كل حاجة متمثلة قدامي كأني أنا دلوقت اللي في الخيال وهما اللي في الحقيقة.

شايفة كلامي دا حد بيقراه
ومش عارفة ليه عاوزة عمو محمد يخف بسرعة لأني عاوزة أروح خلاص
عاوزة أروح عند الرسول يا تيتة
خايفة ما الحقش أروح.
خايفة العمرة اللي بتمناها تيجي بسرعة تروح عليَّ خالص وخايفة لو فتحوا قبري ما يسمعوش صوت التلبية اللي كنت بتخيلها وهي طالعة من قبر أمك زي ما كنتِ بتحكي لي.

زمان اللي هو كان إمبارح بصحيح
كنت بلعب مع دينا بالعرايس وكانت العرايس دي بنتها هي مش بنتي.. وأنا كنت بشتغل وكأن دينا جوزها طلقها أو حتى مات وانا اللي مش عندي عيال وباخد بالي من بنتها.
مش عارفة ليه رغم الأمل ورغم إني بحس إن كل الولاد اللي خلفوهم خالاتي وكل طفل أنا شيلته في الدنيا كان زي ابني.
مش زعلانة منك على فكرة يا تيتة لما قلتِ زمان قبل فرح دينا إن دي أول مرة العائلات كلها بتاعتنا هتتجمع وآخر مرة كمان.
ومش زعلانة من بنتك لما قالت لي قبل ما أخرج في مرة لشغلي الصبح إني مش هخلف علشان كانت طمعانة في فستان أختي أو فستاني اللي شايلاه كذكرى لأحب فستان لي وأحب فستان لأختي يلبسوهم ولادي وولادها.
مش زعلانة بجد ومش هزعل بس خايفة من كلمة بسرعة اللي قالتها فادية قبل ما تموت وانا بسرعة ما لحقتش أعمل حاجات كتير من أحلامي لنفسي ولبلدي ولديني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أشكر لك المتابعة والتفاعل بالتعليق