المتابعون

السبت، 29 سبتمبر 2012

أمتع لحظات حياتي

الفصل الأول
عندما كنتُ أتمنى العمل بعد تخرجي مباشرةً في الوقت الذي كانت صديقتي السابقة تتصل بي يوميًّا لتخرج معي لشراء ملابسها الجديدة وأحذيتها والذهاب معها إلى أكثر الأماكن غير المسموحة لي (الكوافير بالطبع) كنتُ أرى في دنيا العمل والكسب والقدرة على الإنفاق في أي وقتٍ أحدده كما تحدده صديقاتي أجمل وأمتع لحظات الحياة.
أما عندما خضت بنفسي عالم العمل وكانت يدي لا تخلو من المال قلَّ أو كثُر وجدتُ أن عمري ينسحبُ من تحت قدميّ كما ينسحب البساط بطريقة انسلال الشعرة من العجين.
لا أنسى ما حييت هذا الموقف في ليلة رأس السنة عندما فكرتُ في إسعاد نفسي، وتوجهتُ إلى أحد المطاعم الشهيرة، فوجدتُ في الطابق الثاني منه مكانًا يطلُّ على الميدان من بعيد، فقررتُ أن أطلب الوجبة. وأخذتُ أنتظر تحضيرها وأنا أسلي نفسي بين النظر في العروض التي يقدمها المطعم على مأكولات أخرى، وبين الجالسين في المطعم.
كل الجلوس كانوا يختلفون تمامًا عني، فأنا أجلسُ وحدي بينما لا يجلسُ أحدٌ دون مَن يسليه ويتناقش معه، وتحديدًا كانوا جميعًا أسرًا تتناول الطعام مع طفلهم الأول أو حتى كانا عروسين أو خطيبين. وظلَّ الموظف بالمطعم يراقبني منتظرًا وصول من سيتناول معي الطعام، وأنا أنتظرُ إعداده.
المطعمُ ليلة رأس السنة يمتلئ بالناس وأنا أزاحمهم على منضدة الطعام وحيدة. أحتلُ مساحةً ربما كانت لتملأ حياة اثنين بالأفكار والمناقشات والأحاديث الجذابة. ولا أضع ما أقوله الآن في حسباني ولا ألتفتُ إليه وقتها لأن تركيزي كله كان موزعًا في الإنفاق في هذه الليلة لمتعتي الشخصية ربما أدخلتُ على نفسي السرور بتناول الطعام في المكان الذي لم أكن لأقترب منه قبل أن أعمل.
وإذا بالنادل يخترقُ وحدتي وصمتي وبحثي في ذات نفسي ودواخلي، ويسألني: هو حضرتك منتظرة حد؟
فأجيبه: إطلاقًا.
وأتعجبُ من السؤال.. ويعود مجددًا إلى نفس مكانه ويطيلُ النظر إليَّ وأنا أجلس وحدي وتتدافع على المطعم الأزواج من المخطوبين أو المتزوجين وبصحبتهم طفلهم الأول.
قررتُ أن أملأ طبق السلطة إلى حين يأتي طلبي، فتوجهتُ بالطبق إلى المنضدة المخصصة لذلك وملأته بما لذَّ لي أو ما اعتقدتُ أن لساني يستلذه.
خرجتُ قليلًا عن متعة متابعة مَن حولي إلى متعةٍ أخرى وهي التلذذ بطبق السلطة.
جاءني طلبي وأخذتُ أتناوله وأمنية السنة الجديدة أن أشعر بلحظاتٍ أمتع في مثل هذا الوقت من السنة القادمة.
وجدتُ الموظف ومعه آخريْن ينظران معه إليَّ ويتحدثون بشأن المنضدة التي أجلسُ عليها وأحرمُ منها الأسر القادمة أو حتى الأزواج من العشاق أو المخطوبين. شعرت باستوحاش المكان فقررتُ الانصرافَ وقد أفسدت متعة الاحتفال بأموالي التي كسبتها في آخر يومٍ في السنة لاستقبال السنة الجديدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أشكر لك المتابعة والتفاعل بالتعليق