المتابعون

الثلاثاء، 18 أكتوبر 2011

القصة المشاركة في مسابقة القصة القصيرة التي أقامتها ديوان بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية





تأملات في المرآة
وَقَفَتْ بين سطور الكلمة حائرةً .. ماذا تقول في الحرفين الممتدين على سن القلم الحبر الأزرق؟ انتظَرَتْ، وَانتَظَرَتْ، لم تأتيها الفرصةُ كي تُفصحَ عن كلمة سر البركان الخامل داخل تلافيف جهاز بشريّ ضمته عظامٌ جامدةٌ كالصخر الراكد في مياه نهر الأحزان. من خارج أكفان الحلم المُلتَفَّة حول بويضة أمل ساكن في الوجدان، خرجت لتُسلِّم، قُل بل تستسلم لقيود سجان رابض بسياط جبان.
رَمَقَتْهُ بنظرةِ خائبةٍ عابسة.... "ما بال الفارس الأزرق فوق حصان الأحلام الأبيض لا يأتيني؟ هل طَرَقَتْ أبوابَ الفتيات الأحلامُ المُهلكةُ؟"

تابَعَهَا بنظراتٍ كاشفةٍ. أحسَّتْ أنها لا تواري شيئاً بما ارتدَتْ. استدارتْ لتتعرى وتتعرى...أكثر فأكثر.

– هل تُعْجِبُكَ؟

"ما باله يتأملني وعيناه تخترقني على مرأىً منهم؟ من يا تُرى إليه يدفعُني؟"

- أتعرفين الخيطَ والإبرة؟ ... أتعرفين البنَ والفنجان؟ ... إذن أتزوجك.
- هاكَ مهر ابنتك.
و لسان حالهما يقول: ... بل جاريتك.
في الشرفات التَفَّتْ العذارى يتلهفن وصول الموكب. ها قد وصل نعشُها. وفي التابوت الخشبي المزين بأهازيج السرور الزائف وابتسامات الفرح العارية وهمسات الفتيات و العجائز والعوانس، دَخَلَتْ مرغمةً. دفعَتْهَا الأيادي وهي تسوِّي أكفانها الحريرية الملتفة المنتفشة البيضاء. في ظلمات القبر الدامسة كان مرقدها.

تجَمَّدَتْ أحاسيسُها. ارتَجَفَتْ حين رأتهُ بوجهٍ يُكشِّر عن أنياب الذئاب.
على صفحتها رأت الماضي يطل من وراء زجاجات العطر المرتصة دون انتظام. انتفت علاماتُ الأنوثة الطاغية التي غطت ملامح الجسد المترهل يومًا. وحلت محلها تراكمات هموم الساخطة. لم تنجب. فكفاها همًّا ما بَلَغَتْ. تنعتها الحماةُ بالعاقر، أحيانًا بالأرض البور المقفرة. كُتِبَ عليها البوار.
الآن تسألها: ما بال الفارس الأزرق فوق حصان الأحلام الأبيض لا يأتيني؟ أتراه اليوم يتذكرني؟ كيف وقد كُتِبَ عليَّ رقادي؟









الآن أسألُكِ: يا مرآتي مَنْ أجمل فتيات الدنيا؟ أهناك مَنْ هي أجمل مني؟
بالطبع ترد المرآة....
وتكون ضحية أخرى خلف ستار الفرح المتسخة بأساطير القمع الدامية. تتهامس العجائز وتضحك منهن النساء. والمرآة تعكس ماضيها. تلك الطفلة المفعومة بروايات الفارس الأزرق فوق حصانه الأبيض لا يأتيها إلا وهي في أجمل حلة. يقترب فيقبل جبينها وترتعش يداها الصغيرتان في كفيه المضمومتين فوقهما. لكن الفارس لم يأتِ... ولن يأتي. والمرآة تكشف سنوات الأكفان البيضاء المنتزعة ليلة رقادها الأولى وتزف للعالم أجمع فضائح تتناقلها ألسنة النسوة.

هناك 3 تعليقات:

  1. ممكن افهم يا رانيا مغزى القصة دي يمكن انا فهمته غلط
    القصة ليها اسقاطات كئيبة جدا
    وبتصور الزواج على انه عملية اغتيال معنوية والحقيقة انه مش كدا وإلا ربنا مكنش خلاه سنة الحياة..
    هالة

    ردحذف
  2. قبل كل شيء أشكرك على التعليق والقراءة
    القصة هنا تصور مشهدًا لزواج فتاة رغمًا عنها إرضاءً للمجتمع والأهل الذين يدفعون بها إلى الزواج في الوقت الذي تنتظر فيه الفتيات المقبلات على الحياة مثلها الزواج بالفارس الذي تخجل الإفصاح له عن حبها.
    الزواج سنة الله ورسوله ولكن في مجتمعنا الشرقي لا نمارسه إلا لكونه لحظة إفراغ للشهوة التي تنتهي بمجرد ممارستها ولذلك الأزواج لا يعيشون السعادة المرجوة فحرمان الرجل من ممارسة الشهوة وتوجيهه إلى الزواج هو الآخر بمفاهيم خاطئة عن الرجولة وممارستها مع الطرف الآخر هو الذي يؤدي بهِ إلى التصرف مع المرأة على إنها سلعة يشتريها بالمال. وأظن إن أمثالنا الشعبية خير مرسخ لهذه الفكرة: الراجل ما يعيبه إلا جيبه... بفلوسك بنت السلطان عروسك..
    والأهل يتجاهلون تمامًا كون المرأة لا تُسلم إلا لمن تحبه وترجو أن تحمل منه نطفةً سليمة ترضتيها هي نفسها لذلك تحاول أن تُقصي نفسها عن أي رجلٍ لا تجد فيه مَن يحمل هذه المسؤولية. هي علميًّا حاملة لبويضة لا تريد لها إلا الحياة ولكن الظروف تقتلها بداخلها.
    الرجل المصري بصفة خاصة يرى أنَّ الأنثى أو المرأة هي عبارة عن بويضة لا يجوز له الارتباط بمَن تخطت سنًا معينًا لأنها لن تكون من الشباب والرعونة بما يسمح لها بأن تحمل نطفته. فهو مهما زاد عمره لا يعجز، بينما هي العجوز التي لا تؤدي دورها من الحياة إلا في سن الشباب.
    أتمنى مزيدًا من المرور الطيب.
    أشكرك

    ردحذف

أشكر لك المتابعة والتفاعل بالتعليق