الجميلُ في رد فعل أغلب الأجانب على غير ملتي الذين بمجرد أن أرفض مصافحتهم يُثنون على عادات وتقاليد الفتاة المصرية وعندما أُصحح فهمهم أنه حديثٌ عن الرسول بألَّا يصافح الرجل امرأةً لا تحل له يندهشون لجمال هذا الدين ويسترجعون تاريخ الفتاة وحياءها في أوروبا وكيف كانت تلك العادات موجودة من قبل ويلعنون تغيرها هذه الأيام.
بالطبع ليس هذا رد فعل الجميع لكنني أتحدث عن أغلب مَن صادفتُ من أجانب لم يفزعهم مني موقفي.
أما عن المصريين فلن أتحدث عن ردود أفعالهم ولكن دعونا فقط نُراجع أنفسنا في بيوت الكثير منا عندما كانت للمرأة الحُرمة والخصوصية الكاملة في الحياة الكريمة. تدخلُ الآن بيوت أغلب الفلاحين وأبناء الصعيد فتجد الرجل يمنعك عن مجالسة زوجته أو التحدث إليها وبالكاد تستطيع إن كنتَ على قرابة من الدرجة الأولى أو الثانية أن تصافحها. أما في الصعيد فتجد بعض النساء يمتنعن عن كشف وجوههن على الأجانب من الرجال، ولا يُعبن على ذلك.
أعودُ بكم إلى القاهرة حيثُ تُنتهك كل الخصوصيات فأمتنعُ مثلًا عن مصافحةِ زميلٍ مدَّ يده إليَّ، وأُعلل ذلك أنني لا أصافحُ الرجال، فإذا بها تلك الغضبة التي قد تنشبُ بيننا، وقد يستغلها البعضُ من ورائي لاستمالتهِ فيقولون مثلًا: مَن تظنُ تلك الفتاة نفسها؟؟ هي لا تنظرُ إلى طريقةِ لبسها وتصرفها مع الناس؟؟ إذا كانت لا تريد مصافحة الرجال فلماذا لا تجلسُ في بيتها؟؟
وقد تعرضتُ لمثل هذا الكلام مباشرةً، ولا يهمني إطلاقًا قدر ما يهمني أننا في مجتمعنا هذا نحترمُ عادات وتقاليد المجتمعات الأخرى عندما نذهب في رحلةٍ إلى بلادهم، فإذا فعلت فتاة هندية ما فعلتُ مع رجلٍ مصري مثلًا فلا تجده يتصرف بمثل ما يتصرف به مع المصرية.
الموضوعُ ليس سوى أنني أودُ أن أحفظَ يدي عن الآخرين، فإذا أرادَ أحدٌ أن يصافحني اعتذرتُ منه، وأرى أن حقي أن أمتنع عن المصافحة فأنا مَن تُطلق اليد أو لا تُطلقها للآخر. وأظنها كذلك يدي وليست يدُ مَن يريدُ مصافحتي، إذًا فأنا حرة التصرف فيها.
أمَّا عن سبب الامتناع وهو أهمُّ ما في الأمر، هو أنني أطمئنُ تمامًا لنيتي في المصافحة، بينما لا أعرف نيات الآخر، فالنيةُ محلها القلب، وليس لأحدٍ أن يسيطرَ على قلبه. كذلك أرى أنني في امتناعي عن المصافحة أُعفي الرجل من غضبِ الرسول صلى الله عليه وسلم إذ قال: " لئن يُطعن في رأسِ أحدكم بمخيطٍ من حديدٍ خير له من أن يمسَّ امرأةً لا تحلُّ له" ولا أريدُ لرجلٍ أن يمسسني كي لا يُهانُ كلام رسولي.
أما إذا شكك البعضُ في سلامة الحديث أو سلامة النية فأعودُ إلى أبسط قواعد الإتيكيت وهو ألَّا تمد يدك إلى امرأة قبل أن تراها قد مدت هي يدها لتصافحك. ونهايةً لا أقصدُ بحديثي هذا موقفًا معينًا أو أناسًا بعينهم، بل أردتُ أن أعبرَ عن خاطرةٍ بنفسي أراها من الأهمية أن يعرفها عني الجميع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أشكر لك المتابعة والتفاعل بالتعليق