المتابعون

السبت، 27 أغسطس 2011

عاشت الفضيلة بفضل أبلة فضيلة



أشكرُ في بدء حديثي أصدقائي الذين دعتهم ذكرياتُ الطفولة الجميلة أن يقابلوها وسيقابلوني بها إن شاء الله.

****




تصعدُ في خفة الدرج لتلقي عليها تحية الصباح اليومية، فتأتيها بكوبين من اللبن الحليب الصافي وتضع السكر لتذيبه، ثم تشير إليها لتدير المذياع لتسمع وصلة الصباح المعتادة. إنها العاشرة تمامًا كما تعلمتها في سنوات عمرها الأولى بالمدرسة، ترتسم على وجهها علاماتُ الفرحة لأنها ستسمعها اليوم أيضًا. "حبايبي الحلوين..." وتبدأ في سرد الحدوتة اليومية، ثم تتبعها بأغنية. اليوم سنسمع حدوتها عن الأمانة، وبعدها تغني الطفلة الجميلة التي تعجبها كثيرًا وتتقمصُ دورها حين تردد معها:"نانا القطة نانا جت لعبت معانا لفت لفت قالت إيه بحب الأمانة بحب الأمانة...." ، "...حلوين اللي هييجي بكرة هيسمع الغنوة ويتسلى بالحدوتة، واقولكو إييييه توتة توتة فرغت الحدوتة".

وتنتهي الطفلة الصغيرة من تناول كوب اللبن كله بعد أن غمست فيه أصابع "البقسماط" والتهمته بعد أن وضعتهُ لها "تيتة" في الكوب. ثم تستمع مع تيتة إلى "عيلة مرزوق"، و"صفية المهندس"، و"إلى ربات البيوت". لم تكن برامج المذياع لديها في أهمية برنامجها المفضل اليومي الذي من أجله تترك الفراش صباحًا لتصعد الدرج وتمارس الطقوس اليومية التي تعودتها من الجدة، فالمذياعُ أصبح في أغلب البيوت "دقة قديمة" لذلك لا تجدُ له مكانًا سوى على مائدة الجدة صباحًا أثناء تناول كوب اللبن الحليب وبعض الفطيرات أو البقسماط.

أثناء البرنامج تتخيلُ الطفلةُ السيدة الجالسة من وراء المذياع: سيدة طيبة وهو واضحٌ للغاية من نبرة صوتها، كبيرة السن، وهو ما تستخلصه من طريقة حكيها. باختصارٍ هي في عينيها سيدة لا تقلُ في الشبه عن "ماما عفاف" والتي تأنسُ برنامجها التليفزيوني الأسبوعي في كل جمعة أثناء تناول الفطور العائلي مع بابا وماما.

استمعت الطفلة لجميع حواديت السيدة الطيبة. كانت تستغربُ اسمها: لماذا هي "أبلة" فضيلة بينما الأخريات يُلقبنَ بـ "ماما" فهناك مثلًا ماما نجوى، وماما سامية وماما عفاف وغيرهن، فلماذا إذًا تسمى بـ"أبلة"؟

كان اسمها أيضًا غريبًا على مسامع الطفلة التي اعتادت الأسماء البسيطة ذات المخارج الضعيفة، على عكس اسمها الذي تضطر فيه لنطق حرف الضاد القوي واللام كذلك. ولماذا لا تظهرُ على شاشة التليفزيون لنراها كما نرى ماما عفاف التي نراها في كل جمعة صباحًا؟ واضطرت الطفلة أن تتمسك بصورةِ ماما عفاف نظرًا لتقارب نبرة الحكي الجميلة بينهما. وتظلُ الطفلة تتخيل أبلة فضيلة في هذه الصورة، حتى أتت المذيعة عندما أصبحت الطفلة أكبر كثيرًا في التليفزيون لتقدمها إلى جمهورها من الأطفال. وعندها أفصحت عن سر لقب"أبلة" التي فضلته على "ماما"، وتنبهرُ الطفلةُ كثيرًا بها، وتتمنى أن تكون ضمن الأطفال الذين يغنون مع أبلة فضيلة أو يتناقشون معها استثناءً يوم الجمعة حينما تديرُ اليومَ بصورةٍ مختلفة لتكسر عادة البرنامج اليومية وليكون هناك نوعٌ من النقاش وتبادل الحوار بين الأجيال.

تعلمنا الصدق، والحق، والأمانة، وأشياء كثيرة. وكنا ننتوي أن نستمع إليها بين أبنائنا بل وأحفادنا على موائد إفطارنا معهم، ولكن شاءت القرارات أن تحرمنا هذا الصوت الجميل وهذه القيمة الفضيلة، ليتوقف برنامجها في المذياع بعد سنواتٍ طويلة من تربيةِ أجيال الصدق والأمانة و.....الفضيلة.

هناك تعليقان (2):

  1. بجد كلنا بنحبها اوى فعلا

    :)

    ردحذف
  2. يااااااااااااااه ع الايام الحلوة
    احلي ايام
    ياريت ما كانوا اخترعوا التلفزيون ولا الموبايل وفضلنا كده

    ردحذف

أشكر لك المتابعة والتفاعل بالتعليق