المتابعون

الجمعة، 26 أغسطس 2011

حمار الإسعاف

مازلت مع مباراة المزاريطة لأسرد لكم قصةً فريدةً من نوعها. أولى مغامراتي في سيارة إسعاف. كنت الموسم الماضي قد تلقيتُ أمرًا بالتشغيل للذهاب في رحلةِ سفاري إلى وادي الحيتان بالفيوم. وقد كانت الرحلة الثانية أو الثالثة لي إلى هذا المكان الساحر. كانت الرحلة لثلاثِ عائلاتٍ إيطالية وقد بدأت الرحلة بالكلابشات. وقفت السيارات المخصصة لرحلة السفاري أمام الفندق لتأتي سيارة المرور وتضع على السيارة الأولى الكلابش لأننا انتظرنا لفترة طويلة. بعدها خرجتُ لأتفاهم مع المختص في هذا الأمر وبعد مناقشة والحمد لله استطعنا أن نركب السيارات لنأخذ طريقنا. في البداية لم أشعر بارتياحٍ للسيارة التي كنتُ بها، وطلبتُ أن أغيرها لأركب سيارة أخرى مع الشباب وهم شابان وفتاة في مرحلة المراهقة وأردتُ أن أصحبهما في نفس سيارتي كي لا يحدثُ ما لا أقبلُ حدوثه من جانبهم. فالفتاة كانت لعوبًا بما جعلني أقلق على الشابين، فقررتُ أن أغير السيارة وأطمئن لوجود الموسيقى التي ربما تلهيها عن أشياء لا أرغب فيها. كانت الرحلة موفقة الحمد لله ودخلنا المحمية ووصلت كل السيارات، وعندما وجدتُ إشعارًا بأن ما يتبقى لنا للوصول هو فقط كيلومتر واحد، هنأتُ الجميع. وفجأة، لا أدري كيف أصفُ ما حدث فقد كنتُ أتابع جيدًا المدق الذي كنا نسير عليه إذ كانت لي معه من قبل تجارب سابقة فطلبتُ من السائق أن يسير في الجهة الناعمة ويحاول أن يتفادى الجهة الأخرى. ولكنه اصطدم بشيء غريب أظنه كان حجرًا صغيرًا فأدار المقود فإذا بالسيارة تنقلب مرتين، إذ انفجر في المرة الأولى إطارٌ وعندما حاول السائق أن يكبح جماح السيارة انفجر الإطارُ الثاني فانقلبت السيارة مرتين وكنتُ أجلسُ بجواره ولم أكن أضع حزام الأمان، فشعرتُ كأنني في علبة أتقلبُ فيها كما يتقلبُ الطعامُ في مقلاة الزيت.
كل هذا يحدث وأنا أحاولُ التماسك كي أنقذ المجموعة التي بصحبتي. خرجتُ من السيارة وكل همي أن أرى ما حدث للمجموعة فهي مسؤولية خطيرة، وإذا بهم جميعًا وقد أصابتهم بعضُ الكدمات إلا الشاب الذي كانت تشاغله الفتاة، فقد شعر بآلامٍ حادة في ظهره ونظرًا لأن والدته طبيبة وكانت تركبُ بالسيارة الأولى التي سبقتنا في الوصول إلى المحمية فقد توقفنا وانتظرنا السيارة الأخيرة تتنبه أننا لم نصل بعد، كي يعودُ السائق لينقذنا بسيارته لأن تغطية المحمول لا تصلُ لهذا المكان باعتباره محميةً طبيعيةً خالية من هذه الخدمات للحفاظ على البيئة. انتظرنا حتى وصلت والدته وكان والده في تلك الفترة يوجه إليَّ اللوم وأنا أحاول امتصاص غضبه وأحاولُ كذلك أن أمازحهم بين اللحظة والأخرى كي لا نشعر بفظاعة ما حدث لنا.
على الطريق توقفت سياراتُ السياحة والجميعُ يسألني الفرصة للمساعدة، فكنتُ أجيبُ فقط أننا نريد أن يتصل أحدهم بسيارة الإسعاف للاطمئنان على سلامة الصبي. وعندما وصلت سيارة الإسعاف استطعتُ أن أُقنع الأب أن يصحب ابنه الثاني والفتاة في السيارة الأخرى ليكملوا مع كل أفراد العائلتين الرحلة. وركبتُ مع الصبي ووالدته سيارة الإسعاف. كانت تلك هي المرة الأولى التي أرى فيها سيارة الإسعاف من الداخل. أخذتُ أتحدث إلى الشخص الموجود بها واكتشفتُ أنه لم يتخرج لا في كلية الطب ولا في كلية التمريض؛ إذ تخرج في كلية الخدمة الاجتماعية وتلقى بعدها دورات تدريبية في الإسعاف عندما استقدمت مصر هذه النوعية من سيارات الإسعاف من جنوب أفريقيا، وأُعلن في القرية أنهم يريدون شبابًا من حملة المؤهلات العليا فتقدم هو وبعض من زملائه للالتحاق بهذه الوظيفة. كان كل شيء بالسيارة يوحي بأنها لم تستخدم أبدًا من قبل، الملاءة نظيفة في كيسها الذي فتحه أمامي والأدويةُ على الأرفف مرصوصة بعناية. وطوال رحلتنا للوصول إلى المستشفى وأنا أسأله عن محتويات السيارة فيجيبني وأمازحه بين اللحظة والأخرى كما أمازحُ المريض ووالدته بالإيطالية. وأترجم أحيانًا لهما ما أقوله له وأفعل العكس معه. ظللنا هكذا طوال الطريق وفي المستشفى أجرى له الطبيب المختص أشعة سريعة وأقر أنه بخير وأنها كدمة بسيطة. في تلك الأثناء وصل صاحب شركة السياحة ومعه صاحب شركة السيارات السفاري، فركب المصاب ووالدته سيارة صاحب شركة السياحة في طريقهما إلى القاهرة وركبتُ أنا لأكمل الرحلة إلى وادي الريان مع العائلتين الأخريين. ثم عدنا إلى القاهرة ليلًا لنتناول العشاء معًا وكانت أول تجاربي في سيارة إسعاف.

هناك تعليق واحد:

  1. ربنا ستر

    وعادى حال الصحه ف البلد

    كويس انه طلع متعلم اصلا

    ردحذف

أشكر لك المتابعة والتفاعل بالتعليق