المتابعون

الاثنين، 22 أغسطس 2011

بالشوكة والسكين

اليوم أحدثكم عن شيء نعانيه كثيرًا وهو التقليل من شأن الحرف التقليدية اليدوية ومَن يمتهنها. وقد جالت بخاطري مواقف متعددة منها موقف لشخص أراد الارتباط بي رغم فارق التعليم القوي بيني وبينه وكذلك فارق التفكير والتناقضات الغريبة بين شخصي وشخصه، وكانت نقطة الالتقاء التي أراد التقرب إليَّ منها هو أنني أقومُ بتسويق منتجات يدوية أصنعها بنفسي. هو لا يرى سوى أنني رغم الفارق التعليمي والفكري الكبير بيني وبينه لستُ في نظره سوى بائعة لمشغولاتي اليدوية. بل ومن فرط طيبته أرسل إليَّ شخصًا يطلبُ مني أن أتنازل عن عملي كمترجمة ومدرسة وأعمالي الأخرى لأتفرغ لأعمالي اليدوية حتى لا أترفع عن القبول به كزوج.

والحقيقة أنني لم أقبله كصديق للاختلافات البشعة بيني وبينه فكيف بي أقبله كزوج؟ لكن ما أهمني هو محاولته التقليل من شأني مستغلًا فرصة ضعيفة للغاية. لا أنكر أنني أسوق منتجاتي اليدوية وأحب أن أشغل وقت فراغي بها، ولا أنكرُ أن العمل ليس عيبًا، لكن هل أصبحت المهن البسيطة والحرف اليدوية ذريعة للتقليل من شأن الآخرين؟

لقد عمل الرسولُ صلى الله عليه وسلم كراعٍ للغنم، وبعدها عمل كتاجر، وكان داوود عليه السلام حدادًا، وكان نوح نجارًا، ولم يكن أيُّ نبي يعملُ مهندسًا أو رجلَ أعمال أو مديرًا لإحدى الشركات الكبرى. الحرف البسيطة ليست عيبًا وإنما العيب في اعتبارها عيبًا.

الأمر الذي عانيت منه أيضًا كان في إقناع والدتي بمشاركتي في المعارض لتسويق هذه المنتجات، وأنه لا يعيبني تسويقها، وأن الكثيرات من زوجات رجال الأعمال وصاحبات المكانة المرموقة في المجتمع يقمن بتسويق منتجاتهن أيضًا، لكنها رأته عيبًا وأصرت على اعتباره كذلك.

ما رأيته وعانيته فقط كان في مجتمعنا الغريب، ولكنني بمخالطة الجنسيات الأخرى وجدتهم يُعلون من شأن الحرف ويعدونها أشياءَ ذات قيمة عالية لا بد للمجتمع أن يرتقي بها حفاظًا عليها كجزء أساسي في منظومة الإنتاج. ومن هنا أتى الحرص لديهم على تأمين العامل وسلامته وكذلك حرصوا على استغلال قدراته وتوظيفها بما يليق. الغريبُ أنني قابلتُ نماذج لعمالٍ وحرفيين تسعى شركاتهم ومصانعهم إلى ترفيههم وتثقيفهم وكانت زيارتهم لمصر إحدى هذه الوسائل.

ونظرة ألقيتها على مجتمعنا الذي يُخرج إلينا شبابًا حتى لا يتقنون القراءة والكتابة وأقصى أمنياتهم الجلوس على المكاتب كموظفين حكوميين لتحصيل الرواتب البسيطة آخر كل شهر.

وأتعجبُ من هؤلاء الذين ينظرون إلى الشاب الذي يوظف إمكاناته لإنتاج سلعة وتسويقها وفقًا لما درسه من نظريات أثناء دراسته أنه شابٌ ذو مكانة متواضعة، وبمضاهاته بموظف حكومي لا يتقاضى سوى القليل ولا ينتج للدولة سوى المزيد من الكسل الوظيفي العام، فإن الموظف ذا المكانة والدرجة يحتلُ مرتبةً عليا في نفس أي أب يريد الزواج من ابنته.

غدًا أكملُ الحديث

هناك تعليق واحد:

  1. والله عندك حق

    انا من الناس ال بحترم جدا اى واحد صاحب مشروع

    حرفى او غير
    المهم يكون منتج
    مش مجرد موظف قاعد ع مكتب زى حالاتى


    اى حرفه لا يجب التقليل منها
    لانها جزء من المجتمع

    ردحذف

أشكر لك المتابعة والتفاعل بالتعليق