المتابعون

السبت، 20 أغسطس 2011

وردة صفراء



موقف جميل مازلتُ أتذكره بين الحين والحين. ربما لا يعني لي شيئًا، ولكن له معنى لدي أو ربما يثيرُ في نفسي أشياء. كنتُ في الصف الرابع الابتدائي، وقتها كانت فصول المتفوقين هي الفصول الأولى. فصل رابعة أول كنتُ أجلسُ في الصف الأول عن يسار المدرس أو الرابع عن يمينه. أحيانًا كنتُ أبدل الأماكن، حيث يجلس "علي" ولكن هذا الفتى الذي يبدو أكبر من عمره لم أعرفه ولم أدرك لما قاله معنى ولا قيمة إلا الآن.
أُعلنت رحلة جميلة إلى حديقة كنتُ أتمنى الذهاب إليها، لكنني لا أتذكر لماذا منعتني أمي من الذهاب. في هذا الصف كانت علاقتي بـ "سارة" صديقة عمري التي هاتفتني لتوها أمس قد بدأت تتأصل كثيرًا. كنا لا نُرى فرادى، بل كان من الصعب أن نفترق. الشيء الذي يميزنا أنها كانت أطول مني بكثير، ما يجعلني أبدو قصيرة قصيرة من فرط طولها. في اليوم التالي لرحلة المدرسة التي لم أشترك بها كنا قد قررنا أنا وسارة أن ننزل إلى فناء المدرسة وقت (الفسحة) وأخذنا نتمشى ونتكلم كعادتنا بهدوءٍ شديد وبحبٍ تنصح إحدانا الأخرى في أمورٍ دينية ودنيوية. الأمر يتفسر لاحقًا عندما كبرنا وترعرعنا معًا على المباراة لقراءة كتاب الله ومحاولة حفظ آياته وحضور الندوات الدينية والدروس. وفي أثناء سيرنا ألمح "علي" وصديقه يسيران بجوارنا، وفي يده وردة جميلة صفراء يُقربها من أنفه، فخطفني لونها الجميل، فقلتُ لسارة: ما أحلاها!! فإذا به يلتفتُ فيشرع في تقديمها إليّ، فتسألهُ سارة أن تحتفظ بها لنفسها. فيقول لها على الفور: لأ، دي لرانيا، عشان هي شاطرة زينا.
لا أُخفي أنني حينها فرحتُ بغرورٍ ألوم نفسي عليه حتى الآن، لكنني لملمتُ نفسي ولم تأخذني الفرحة فـ "سارة" هي الصديقة الجميلة المخلصة لي التي أحبها كثيرًا وقد آلمتني الكلمة تمامًا كما آلمتها. لكن "علي" لم يدرك كيف جرح بكلمته البسيطة مشاعر "سارة" بالرغم من أن الوردة لم تكن تعني كما قلتُ سابقًا أي شيء لي أو لها، لكن الموقف ذاته باتَ مؤلمًا لي قبلها.
وتمرُ الأيامُ ولا أدرك حقيقة الوردة إلا الآن إذ كانت تعبيرًا بسيطًا عن انجذاب طفلٍ بطفلة، يختلفُ عن انجذاب المراهق أو حتى البالغ. فالوردة ساعتها كانت رابطًا بسيطًا أظهر من خلاله كيف لطفلٍ صغيرٍ أن يلتفت إلى طفلة لمجرد اشتراكهما في شيءٍ واحد.
مشاعرُ الأطفال ليست بالنضوج التي نحكم بتقييمنا لها بالقدر الذي نحكم به على مشاعر المراهقين والكبار.

هناك 5 تعليقات:

  1. سيدى ع الكلام

    فعلا مشاعر الطفوله ابسط


    دمتى بخير

    :)

    ردحذف
  2. الورد عنوان المحبة حتى لو الصغار مايعرفوش معناه
    وهو اختصك بالوردة لانه حس انك انتي اللي تستاهليها
    جميلة ياجميلة

    ردحذف
  3. هلولتي
    أشكرك يا عسل.

    فعلًا يا خالد زي ما بتقول

    ردحذف
  4. حتى الصغيرين بيفهمو أن الوردة تديها للى بتحبه
    رغم أن فى الطفولة الموضوع أبسط و أحلى بكتيير !!
    بس عسوووولة خالص .. تسلم إيدك يا جميلة :)

    ردحذف
  5. سعيدة بأجمل ورداية اتحطت هنا بتعليقك يا رضوى.
    لا تحرميني هذه الوردة برقتها.
    سلمتِ لي.

    ردحذف

أشكر لك المتابعة والتفاعل بالتعليق