المتابعون

الأحد، 7 أغسطس 2011

أ.محمد عطوة..أ.عاطف حسين... مباراة حب جميلة لأجمل شابين

كنتُ بالصف الرابع الابتدائي في أول مرة يدخل فيها المدرسة أستاذا اللغة العربية: عاطف حسين، ومحمد عطوة. أتذكرُ جيدًا أستاذ محمد عطوة بنظارته الكبيرة التي كانت تخفي نصف وجهه. كان يرتدي بدلته الرمادية و كانت ضحكته تهز كتفيه قبل أن تُرى على ملامح وجهه. أما أستاذ عاطف فكان طويلًا جدًّا و لم أكن أعرفه بالقدر الذي عرفتُ به أستاذ محمد عطوة.
في المدرسة التي شهدتهما لأول مرة أستاذين للغة العربية في منافسة جميلة جمعتهما بين جدران الفصول، كنتُ أراهما إخوة و أكثر بكثير من مجرد معنى الأخوة. كانا بالتأكيد يختلفان لكنني كنتُ أراهما يتكاملان. كنتُ أحبُ اللغة العربية شعرًا من أستاذ محمد عطوة، و الدين كذلك كان له سحره الخاص كمادة من المواد المقررة علينا في سنواتنا الدراسية. مازلتُ أذكر خطه على السبورة في الفصل. كنتُ بالصدفة في دار الكتب لأراه في مكتبة الكبار. المكتبة التي تجاور مكتبة الأطفال التي طالما اصطحبتُ أخي الأكبر واختطفتهُ من متعةِ اللعب بالكرة أو بالدراجة أو الذهاب إلى النادي. كانت مكتبة الطفل واسعة كبيرة و ربما لو دخلتها اليوم لا أجدها بنفس السعة و البهاء الذي كثيرًا ما يخدعنا و نحن صغار فنرى الشقة بأضعاف أضعاف مساحتها و نرى السقف مرتفعًا كثيرًا لأعلى أعلى الدرجات. أمسكتُ كعادتي بيدي الصغيرة قصة مغامرة جديدة لمحبوبي: تان تان. و أثناء سيري معه في الأدغال قاطعتني أمينةُ المكتبة و طلبت مني في هدوء معهود بالمكتبة أن أُحضرَ إليها شيئًا من زميلتها التي بالمكتبة المجاورة. أسرعتُ إلى المكتبة المجاورة فكنتُ أتخيل السنوات تمرُ كالرياح و أراني أجلس بين دفتي كتابٍ كبيرٍ متسخُ بالأتربةِ تغلفه ألوانٌ قاتمة كالبني و الأسود و الأخضر. و إذ بي أجده و لا أصدق عيني في البداية، هل هو أستاذي/محمد عطوة أم انني أحلم؟
إنها نظارته.. و هذه هي بدلته.. و هذه جلسته التي اعتدت عليها. إذًا فلأقترب. و كأنني أصبتُ فوجدته بابتسامةِ الأب الحنون يقلبُ صفحات الكتاب و يتوقف ليؤكد لي أنه هو هو.
هذا هو أستاذي. علت الابتسامة شفتي و تهلل وجهي بالفرحة. و تمنيتُ العمر يمر لأجلس معه على نفس الكرسي في مكتبة الكبار.
كان أستاذي محمد عطوة بالمدرسة يشجعني كثيرًا و يُثني عليَّ و على ما أصنعُ من أنشطةٍ أسعى بها إلى التفوق. أتذكره و هو يهنئ معلمتي فن الإلقاء باختياري لتمثيل المدرسة. و أتذكره يقف مع أستاذ عاطف حسين و هما يستندان إلى درابزين المدرسة يتجاذبان الأحاديث الشائقة.
كان أستاذ عاطف كذلك محبوبًا في فصله، و لكنني عندما نجحتُ في اجتياز امتحان النحو الذي نقلني من فصل أولى تالت إلى فصل أولى رابع الذي يُدرِّس فيه اللغة العربية للطلاب، كنتُ أستغربه و لا أتوقع منه تقبلًا لي، و كيف يتقبل مَن كانت في فصلٍ أقل في المستوى من فصله الذي يدرس فيه منذ بداية العام. هذا الموقف بالذات قطع الصلة القوية بيني و بينه كأستاذ إذ عاقبني لأنني لم أستأذنه أثناء الدرس في شرب الماء من زمزميتي، فنشبَ أولُ خلافٍ بيني و بينه. بعدها عدتُ من جديد إلى فصلي أولى تالت.
في الصف الثالث الإعدادي لم يكن لديَّ خيارٌ آخر إذ فُرِضَ عليَّ أن أتقبله. كنتُ أجلسُ في أول مقعدٍ بالفصل و كثيرًا ما كنتُ أنسى لكنني كنتُ أكثر حرصًا من ذي قبل في أداء الواجبات المنزلية.
لا أنسى أبدًا عندما اختارتني ميس سوسن حنفي لكي أؤدي دورًا صغيرًا في مسرحية: صيحة الملائكة. كنتُ كذلك أغني ضمن المسرحية من تأليف أستاذنا رحمه الله أ.أحمد عبد النبي. دخل علينا أستاذ عاطف ليُصحح لنا في الكواليس ما كنا نغنيه باللغة العربية: من أجلِ تحقيقِ الآمال. تحقيقِ بالكسرة يا جماعة لا تنسوا.
و تمرُ السنوات و يدرس أستاذ عاطف اللغة العربية لجيل بعد جيل. ابن خالي تلاني و تلته ابنة خالي و الأجيالُ تتالى. و لا أنسى أبدًا عندما كان جميع أبنائه من فصله ينادونه في أتوبيس الرحلات ليُغني لنا: يا ملتقى الصحبة يالالالي يا وردة في الصحبة يالالالي منورين في القعدة تملي يا صحبجية إيه يالالالي عايزين شوية إيه يالالالي حبة آهات على ليلي على عيني على ترالالالي.

هناك تعليقان (2):

أشكر لك المتابعة والتفاعل بالتعليق