الصورة لحسن مسعود مع زملاء الحضانة في مدرسة إيجيبت الخاصة و هو الثاني من اليمين في الصف الجالس
في حجر جدتي كان الميلاد، و في قبرها أتمنى الرقاد.أتذكر كل ما كان يحدث لي في طفولتي، و أعجز عن نسيانه.تعجلت الدراسة فرأيت أخي يذهب صباحاً كل يوم لمدرسته و بكيت حيث أردت الذهاب أنا أيضاً. و في المدرسة صاحبت من يكبرونني سناً، كنت أترك الفصل و أذهب إلى فصل أخي لأنني أحبه فما كنت أريد أن أفارقه، حتى السنوات التي سبقني فيها في الدراسة، أردت أن أتخطاها و أجلس إلى جواره. لكنه كان يبعدني، كان يحب أن يلعب الكرة و يصاحب زملاء الدراسة و هو ما لم أكن أفهمه. في فصلي رأيت أحياناً أنه يصعب علي الاندماج مع الفتيات في سني، و كذا الفتيان. أرى الفتيات يعقدن اجتماعاتهن في آخر الفصل، و أراني لست بينهن. كلما كنت أقترب منهن، كن ينهرنني بقولهن: أنتِ صغيرة. حتى عندما انضممت لفريق التمثيل و المسرح، اهتمت الفتيات بالظهور بينما لم أهتم، لكنهن كن جديرات بذلك. في مسابقات المدرسة كنت أحاول ألا أقحم نفسي عليهن، فإذا بأساتذتي يرشحونني لاجتيازها زاعمين تفوقي، و كنت أرى في أعين الفتيات اندهاشاً أحياناً، و أحياناً أخرى استكثاراً لما رشحت إليه.كلما رشحت نفسي لنيل منصب في مجلس الفصل رأيت الفتيات ينظرن إلي بعدم اكتراث، حتى لو كان المنصب الذي رشحت نفسي فيه لا تنافسني عليه أي منهن، كنت أجد نفس النظرة: نظرة الإقصاء. في بيتنا كنت ألعب مع ابنة عمي و خالتي، فإذا ما حضرت ابنة الجيران أصبحت أنا العدوة اللدودة التي عليها التخلص منها للعب مع الجارة. و بالأمس تذكرت عبارتي الشهيرة التي أذكر نفسي دوماً بها: الدنيا تطردني... كنت بينهم و لم أكن منهم. رمقتني نفس النظرة من بعضهن ممن يمتلكن الرأي و الكلمة فأحرجتني تلك الفتاة رغم فارق العمر بيني و بينها. لم أعد صغيرة كما كنت يوماً لأذهب لفصل أخي. و لم أعد صغيرة كي أصاحب الكبار فليس هناك من هو أكبر مني في جلستهم. أريد انسحاباً من حياتهم. أريد أن أعود لصدر جدتي. في آخر يومي كعادتي أنهار و أغرق وسادتي دموعي التي لم تجف منذ فراق من كانت تنام عليها قبلي.......جدتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أشكر لك المتابعة والتفاعل بالتعليق