المتابعون

الثلاثاء، 31 يوليو 2012

هل أتمنى إلاه؟

لا لا أتمنى إلاك يا موت.
أتمنى ألا يقف على غسلي.. ألا يسارع بالكفن إليّ.. ألا يخرج لدفني..
أتمنى
ألَّا يعود فيجد آخر أنفاسي..
أتمنى أن تسبقه يا موت في الوصول إليَّ.
أعد الساعات والأيام وأنتظر الموت ولا أنتظرك.
يا أيها الموت اللعين لماذا لا تريحني من أن أتعذب برؤيته؟
يا أيها العدل الإلهي فلتأخذني عنه بعيدًا.
لقد طال عمري كي أراه يفعل بي مثلما كانت تفعل البنات الصغيرة مع مَن أعطاهن قبلةً على وجناتهن.
لا أنسى هذا المشهد وهو يقف ليقبلها أمامي وقد اشتقتُ حتى إلى نظرة عطفٍ من نفس النوع منك.
إنه العطف الذي لن تبلغه معي.
إنها الحياة التي ضننتَ بها عليَّ.
إنه الأمان الذي كان لا بد أن أشعره حين يستقر رأسي بين يديك وأنتَ تستعد لتقبلني.
نفس القبلة التي لا تعرفها أنتَ ولا تعرفها وجنتي ولا يعرف معناها قلبي ولا تعرفها سوى الفتاة التي أراها أمامي وهو يقبلها وأنظر إلى القبلة وكأنني طفلٌ يشتاق إلى حلوى يراها في يد طفلٍ قد استأثر بدكان الحلوى كله لنفسه.
عذرًا سيدتي
لم أكن لأجرحكِ وأنا أرى زوجك يقبل ابنتيكِ.
عذرًا سيدتي فما ترينها ليست المرأة التي تريد أن تنتزع قبلةً من زوجكِ وتتمناه زوجًا لها.
عذرًا واجبًا يقدمه لي زوجكِ باعتباره الأب الذي نسي وأدخل فاكهة بيته جهرًا أمامي دون أن يراعي حدود الجيران، فخرجت بالفاكهة ابنتاكِ يغيظاني بها.

عذرًا يا أنت
عذرًا يا أنت فلا أستطيع حتى التفوه بوظيفتك المؤقتة..
عذرًا يا هو من الرجال الذين كان لي الحق فيهم أن أتمنى حتى أن أضع يدي في يده وألَّا أخرجها إلا وقد اغترفت قدرًا من الحب الأبوي.

عذرًا يا نفسي..
فإن لكِ محارم قد عزَّ على عينيكِ أن تراهم إلا وقد فقدت القدرة على إبصارهم بالحياة الدنيا.

هي دي الحقيقة

من زمان كنت بحس لما أتابع بنات فصلي في المدرسة إن كل بنوتة منهن هتكون زوجة إلا أنا. ما اتخيلتش نفسي هكون زوجة وعندي بيت أبدًا. حياتي كلها كنت بحس إنها ترانزيت بين فوق وتحت. فوق الأمان والدفء والحب اللي مش ممكن ألاقي زيه. تحت النكد والصوت العالي والأوامر اللي ما بتنتهيش. فوق احترام المعاني اللي ورا الكلام والأغاني والزمن الجميل. احترام الرأي هاكل إيه وهنعمل إيه النهاردة يا رانيا؟ وتحت الأكل محطوط اللي عاجبه ييجي ياكل واللي مش عاجبه اللي بياكل على ضرسه بينفع نفسه.
يمكن تحت كنت بحس إنه فيه حاجاتي وخصوصياتي اللي أمتلكها وما أقدرش أمتلكها فوق. لكن فوق كنت بحس بالحب الغريب اللي عمري ما هحس بالبديل عنه وهعيش لآخر نفس فيَّ أفتكره وأفتكر كل تفصيلة جميلة كانت بتضمني بالحب دا اللي مليان خير ووفا.
الفصل الدراسي بالفعل قابلت كل بنت فيه لما كبرت: رشا أصبحت طبيبة وارتدت النقاب اللي كنت متوقعاه لها لأنها ارتدت حجاب من واحنا في سنة خامسة ابتدائي، وأسماء أصبحت موظفة في الجامعة علشان تفوقها وبقت أم لطفلين، سارة كمان بقت موظفة في مكان أمني ولها طفل ورغم مشاكلها الكبيرة اللي برضو كنت متوقعاها مع زوجها فهي برضو مكملة معاه الله يهديهم. نادية ونهى ورشا وبنات كتيرة من اللي كانت بتعيش اللحظة في المدرسة وعاملين شلة برضو كل واحدة بقت زوجة لشخص مغاير تمامًا للي كان في بالها أيام الدراسة، وكل واحدة أصبحت أم لطفل أو لطفلين. يسرا ورانيا وإيمان برضو قابلت من بينهن اللي معاها طفلها على إيديها وسمعت عن اللي تزوجت وغيره وغيره. حتى زمايلنا اللي كانوا في الفصل وتوقعت لهم برضو حياة أسرية من نفس نوع الحياة اللي توقعتها بالظبط للبنات... وانا؟
أنا دايمًا كنت بشوف إني عمري ما هعيش الحياة دي.
عمري ما هحس بأي شعور مرت به أي بنت من دول أو حتى ولد. عارفة إن حياتي توقفت عند حدود الترانزيت ... حدود اللا استقرار. بتمنى الحدود دي تنتهي. أتمنى إني أنتهي جدًا لأن هو دا المصير اللي كنت بتوقعه لنفسي وانا ببص على كل واحد وواحدة في الفصل.
حتى القصة الغريبة اللي عشتها في حياتي من بعيد خالص وعمرها ما تطورت لأكتر من نظرات إعجاب وتعبير من طرفه هو نفسه.. كنت حاسة إن كتير عليَّ إني أكمل لأن مصيري إني أفارق.
هعيش طول العمر أفتكرها وهي بتقول لي: تعاشر يا بني آدم مهما تعاشر ومسيرك تفارق.
الكلمة اللي عمري ما نسيتها.
هي دي المعاناة اللي بيعيشها الفنان زي ما بيقولوا: بيعيش طول حياته مؤرَّق ولا بيشعر بالاستقراروبيفضل طول الوقت في معاناة بتخرج أجمل ما فيه: الفن.
حاولت أحبكم بعد ما فارقتني.. لكن أنا مصيري إني حتى لو حبيتكم ما تحبونيش لأنكم عندكم دايمًا البديل.
ومصيري إني أفارق..
يمكن علشان كدة بتحس بيَّ وتيجي لحد دلوقت في الحلم وتكلمني وتطبطب عليَّ وتحسسني إن كل مشاكل الدنيا اللي بشيلها على كتفي هينة بكلمة جميلة أو بأسلوبها في التعبير التلقائي وهي بتلاعب لي حواجبها وتكشر علشان تضحكني في عز مانا زعلانة.
بحبك يا تيتة وهقابلك مهما طالت بيننا سنين البعاد.
بحبك قوي وأتمنى أكون في حضنك أكتر من إني أضم ابني أو بنتي بإيديا.
بحبك <3